17‏/02‏/2014

نزل كرشك بالقانون


خبر طريف حول قانون جديد في اليابان يجرم أصحاب الكروش الكبيرة من الموظفين، وذلك من خلال إلزام صاحب العمل بإجراء فحص دوري لقياس محيط خصر الموظفين، ويلزم من تجاوز محيط خصره المعدل الطبيعي الخضوع لنظام انقاص للوزن، وذلك في خطوة من اليابان لخفض فاتورة الخدمات الصحية، في بلد تعاني من تفاقم ظاهرة الشيخوخة، وما يصاحب هذه المرحلة العمرية من ارتفاع كلفة الرعاية الصحية، تمنيت وأنا أستمع لتفاصيل الخبر لو يتم إصدار قوانين مثل هذه تلزمنا باتباع نظام صحي سليم، في منطقة تدفع ثمناً باهظاً من صحة مواطنيها وحياتهم مقابل الرفاهية التي صاحبت ظهور النفط الأسود فيها، وما صاحبه من ارتفاع في مستوى المعيشة الذي ترجمناه على شكل مضاعفة وجبات الطعام التي نتناولها إضافة إلى مضاعفة السعرات الحرارية التي تتضمنها وجباتنا التقليدية، مما انعكس على شكل (كروش) ضخمة، وأبدان أضخم نعجز عن ممارسة أبسط الأنشطة اليومية نتيجة ثقلها.
كنت سأنسى الخبر لولا خبر وجدته ينتظرني في جريدة عمان عند وصولي لمقر عملي عن رجل تسعيني يعيش وحيداً على قمة جبل في بلدة السويب بمنطقة الهجير بوادي بني خروص التابعة لولاية العوابي، مرفقا بصورة لهذا الشيخ مبتسما ابتسامة غاية في الجمال تشع رضا وصحة، وهو تجاوز –وفقاً للصحيفة- التسعين من عمره، وقارنته بمجموعة من النساء شاركنني اليوم الذي قبله الصالة الرياضية، ولم أستطع إلا أن أتمنى فعلاً في داخلي أن يصدر قانون مماثل في بلادنا، فمنظر النسوة كان مؤلماً وهن يجاهدن للتنقل من جهاز لآخر، المؤسف أنه بقدر تضخم أبداننا بقدر أيضا ما ترتفع كلفة الخدمات الصحية في بلادنا التي أصبحت أمراض العصر، وهي تلك الأمراض المرتبطة بنمط الحياة العصرية تلتهم جزءاً كبيراً من موازنتها سنوياً، ذلك أن هذه الأمراض هي أمراض مزمنة تمتد لسنوات طويلة، وبالتالي فإن كلفة العلاج مستمرة ومتزايدة مع التقدم في العمر.
لا يملك المرء إلا أن يتساءل أمام ارتفاع نسبة هذه الأمراض سوى أن يسال نفسه: هلا وجدنا سبيلا آخر للاستمتاع فيه بدخولنا المرتفعة سوى الطعام، الذي بتنا نلتهمه بشراهة في كل وقت، داخل وخارج المنزل، في قسوة غير طبيعية على أبداننا، هذه الأبدان التي توفر لنا سكنا نعيش فيه مدى الحياة، بالتالي فإن بقاءنا على قيد الحياة مرهون ببقاء هذا الجسد صحيحا معافا، لا شك أن المولى جلت قدرته زود هذا البدن بأنظمة غاية في الدقة تعمل ليل نهار على بقائه وتنظيم عملياته الحيوية وحفظه من التعرض للأمراض، والجسم البشري إذا ما ترك يؤدي هذه المهام بدون تدخل منا، قادر أن يبقى معافى قويا كجسد الشيخ الهطالي الذي ذكرنا، والذي يتمتع بجسد قوي وصحيح رغم قسوة الحياة التي يعيشها، لأنه يعيش على الحد الأدنى من الأطعمة التي ينتجها بنفسه، ويأخذ منها احتياجه اليومي، لكن هذا الجسد لديه أيضا قوة احتمال محدودة، فمعدتك لديها القدرة على هضم هذه الكميات الضخمة التي تضعها فيها حتما، وقد زودها الخالق بمرونة عجيبة تستطيع معها أن تتمدد بقدر ما تضع فيها من طعام، لكن هذا يتطلب جهدا جبارا منها، ومن بقية الأعضاء التي تعمل على تحويل هذه الأطعمة إلى طاقة وأنسجة، وفي النهاية فإن جسمك سيأخذ فقط ما يحتاجه من هذا الطعام من أجل القيام بمهامه، مما يضطره إلى تخزين ما يزيد عن حاجته على شكل دهون يعمل تراكمها على المدى الطويل على إتلاف هذه الأعضاء.
متناسين ونحن نفعل ذلك بأن أجسادنا أمانة وأننا بما نفعل بها نرمي بأنفسنا إلى التهلكة وهو أمر نهانا رب الكون عنه، لعلها فرصة لي ولكم مع بداية العام الجديد أن نقف مع أنفسنا ونحاسبها بما فعلت في هذا الجسد الذي من به المولى علينا، ومهما كانت عيوبه في نظرنا ومهما كانت أوجه القصور فيه، ومهما كان مستوى رضانا عنه، إلا أنه يبقى ذلك المأوى والسكن الذي سنعيش فيه ما تبقى لنا من عمر، ربما علينا فقط أن نتقبله ونبدأ النظر إليه من زاوية مختلفة، لكن بإيجابية هذه المرة، لأن السمنة مؤشر على اننا لا نحب هذا الجسد، أقنعنا أنفسنا بطريقة ما اننا لا نستحق أجسادا رشيقة وجميلة، بالتالي هذه النظرة الإيجابية لجسدك ربما تستطيع من خلالها ان تغير قناعتك بشأنه، وتبدأ في وضع برنامج لمعالجة ما أفسدته، من خلال برنامج رياضي ونظام صحي متوازن، والأمر لا يتطلب أحياناً سوى تغيير بسيط في العادات، زيادة معدل الحركة بشكل تدريجي وعلى مراحل، وتقليل تدريجي من كمية الطعام التي تتناولها مع الاكثار من الطعام الصحي، بالتالي لا تعالج قسوتك على جسدك بقسوة أشد تتمثل في برنامج رجيم قاس أو حرمانه من العناصر الغذائية التي يحتاج إليها، حتى لو تطلب خفض هذه الكيلوجرامات الاضافية سنوات طويلة أفضل بكثير من أن تستمر في ما أنت فيه.
hamdahus@yahoo.com

هناك تعليق واحد:

faroukfahmy يقول...

الجسم امانه وجد لكى يخدمنا فيجب علينا ان نقدر دوره ولا نحمله باكثر مما يتحمل والا سوف يحملنا بما لا نقدر على تحمله