إكتشافي لكتب تطوير الذات كما ذكرت بدأت في سنوات الدراسة الجامعية، مرحلة البحث عن الذات لمعظم الناس، لكن البداية الحقيقية في تطبيق قانون الجذب على حياتي بشكل متعمد و مدروس بدأ منذ مايقارب السبع سنوات نتيجة مروري ببعض الظروف الشخصية الصعبة، و لكوني ذات طبيعة كتومة جدا حتى بالنسبة لأقرب الناس لي، فلم أشاء أن أبوح بأزمتي النفسية لأحد، خاصة و أنني بالنسبة لمن حولي من أصدقاء و زملاء عمل وأفراد أسرة، كنت قدوة في القوة و الإرادة، و بالتالي فإن إظهار ضعفي أمامهم كان خيارا غير مطروح البتة، لقد وجدت نفسي في مفترق طرق، و حياتي تنسل من بين أصابعي، فقد شارفت على بلوغ الأربعين من عمري، و كأني أدركت ذلك فجأة، شعرت و كأنني نائمة طوال تلك السنوات، ثم جاء من ينقل لي هذه الحقيقة التي كانت غائبة عن بالي، فوجدتني أراجع شريط حياتي منذ ذكريات طفولتي الأولى، حين كنت أملك طموحا أكبر من سنوات عمري بكثير، أججه والدي الذي كان قد سبق عصره في الثقافة و النضج بكثير، فكان لديه طموحا شملني وحدي من بين إخوتي، فقد كان رحمه الله يرى نفسه فيني، أو هكذا كان يقول لي دائما، لذا نشأت و قد صدقت الصورة التي رسمها لمستقبلي رغم إستحالتها، فقصتي كما أقول دائما للمحيطين بي هي شبيهة بقصة سندريلا، وإن كنت أفوق سندريلا حظا بكثير، فلم تحصل هي سوى على القصر و أمير كزوج، لكنني حصلت بالإضافة إلى الأمير و القصر المثمثل في بيتي الصغير، على نعمة كوني ولدت في هذا العصر الاستثنائي بكل مافيه، من إنجازات و إختراعات، و تغييرات على جميع الأصعدة، و قد تغلبت حتى على سندباد في رحلاته و اكتشافاته، فقد جبت القارات الأربع – لم يتسنى لي زيارة أمريكا الجنوبية و أفريقيا إبتداء من أمريكا في الشمال، مرورا بأوروبا و آسيا،و وصولا إلى استراليا في أقصى الجنوب، شاهدت معظم غرائب العصر الحديث، و ركبت جميع وسائل المواصلات المعروفة، من حمير وجمال، و قطارات بخارية، إلى بواخر وطائرات، فاقت سرعتها بساط سندباد بمئات المرات.
أدرك تماما بأن إنجازاتي تكاد لا تذكر بالنسبة لما حققه المكتشفون و المخترعون و عظماء العصر، لكن بالنسبة لي كان ما حققت هو المستحيل بذاته، نظرا لتربيتي و البيئة التي جئت منها، فأنا بدوية حتى الصميم، جئت من إحدى بلدات السلطنة التي أجزم بأن معظم قراء هذه السطور لم يسمع عنها، كنت أقطن خيمة في وسط الصحراء مع جدتي العجوز التي لم تكن قد سمعت بمصطلح مدرسة في حياتها حالها حال كل سكان بلدتنا، في تلك الفترة التي سبقت النهضة المباركة، والتي كانت عمان فيها تعيش عزلة عن العالم الخارجي، فرضها السلطان سعيد بن تيمور والد السلطان قابوس حفظه الله ورعاه، الذي أسس عمان الحديثة، عندما جاء والدي الذي اتيحت له فرصة الخروج من البلدة و السفر بفضل عمله في دولة الامارات العربية المتحدة المجاورة في بداية الستينات، و استغل الفرصة ليلتحق بمدرسة غير نظامية أثناء عمله، و قد أعجبته حياة المدينة كثيرا، و كان رحمه الله مبهورا بنظام التعليم الحديث فلم يشأ أن يحرمني منه، ومن هنا جاء وحملني معه رغم معرضة جدتي الشديدة له، و إستنكار جميع أهل البلدة، الذي ضرب به رحمه الله عرض الحائط، و حملني على ظهر جمل إلى ان وصل بي مشارف البلدة و تمكنا أن نأخذ سيارة أقلتنا إلى مدينة العين، بدولة الامارات العربية المتحدة حيث كان يعمل، وكان ذلك أول مرة أركب فيها سيارة و أول مرة أرى فيها مدينة، وقد كان ذلك معجزة في ذلك الوقت، فما بالك أن أصل إلى أمريكا؟؟
كان رحمه الله طوال عمري يؤجج في الطموح بأن أكون متميزة، ويفاخر بي في العائلة فلم أشأ أن أخيب ظنه، هذا فضلا عن كونني على مايبدو صدقته عندما كان يقول لي بأنني صاصبح ذات شأن في يوم من الأيام، عملا بالمثل القائل كل فتاة بأبيها معجبة، تصورت أنه يعرف دائما مالا أعرفه.
لهذا لم أكن أرضى لنفسي بغير التميز، في كل مراحل حياتي، حتى جاءت تلك الفترة من عمري التي أعقبت زواجي، ومن ثم ولادة إبنتي، ووفاة والدي رحمه الله، وقد جاءت وفاته لتقلب حياتي رأسا على عقب، واستسلمت شيئا فشيئا لروتين الحياة، كنت خلالها أوزع أدواري بين عملي، وزوجي وابنتي، و شيئا فشيئا بدأت أنسى نفسي، و طموحاتي، و أهدافي، وفي ظل غياب الدينامو المحرك لحماسي و المتمثل في والدي، استسلمت كليا للحياة الجديدة، وساعد على ذلك شخصية زوجي، المتفاني في واجباته الأسرية و الاهتمام بي و ابنتي وتوفير جميع إحتياجاتي وبسخاء نادر، الأمر الذي وجدت نفسي فيه غير مطالبة ببذل مجهود إضافي، وتسلل هذا الاستسلام لوظيفتي بعد ن استلمت المسمى الوظيفي الذي أرضى غروري بعد فترة وجيزة من تخرجي.
ثم جاءت تلك اللحظة التي تحدثت عنها، والتي كانت اشبه باليقظة، فوجدت نفسي وقد كبرت في السن، وفقدت والدي، وبدأ زملائي الذين عينتهم واشرفت على تدريبهم يلحقون بي في سلم الوظيفة، و باسرع مما كنت قادرة على إستيعابه، فلم تشفع لي درجات الإمتياز التي كنت أحصل عليها، ولا المراكز الأولى ولا شهادتي الأمريكية، كما بدأت أزداد وزنا، وكآبة، و افقد طاقتي و حبي للحياة شيئا فشيئا، كما كان وضعي المادي مزريا، ولولا كوني متزوجة من رجل وضعه افضل مني بكثير لوجدت نفسي على مشارف الافلاس، و لم أجد حولي الكثير من الأصدقاء فقد ساهم تقوقعي على نفسي و عائلتي الصغيرة على خسارتي لأغلب أصدقائي، ولم أستطع إكتساب أصدقاء أو معارف جدد بعد إنتقالي للعيش مع زوجي في مسقط.
وهكذا وجدت نفسي في وضع لا أحسد عليه، ولم اشأ أن الجأ لأحد، لأنني كنت قد أقنعت كل من حولي بالحياة المثالية التي أعيشها، وهكذا بدأت ابحث عن مخرج من الوضع الذي وجدت نفسي فيه، و بدأت رحلتي في إكتشافات عالم قانون الجذب المذهل، لهذا ذكرت في المقدمة ، بأن ما أكتبه هو نتاج تجربة شخصية لأنها حقا كذلك، وسبحان رب العزة، الذي قال: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فمن اللحظة التي قرت فيها التغيير، بدأ و كأن كل من حولي وكل ما حولي مسخر لتحقيق أهدافي التي كنت اسعى إليها، ومن اللحظة التي قررت فيها التغيير...
هناك 3 تعليقات:
مميـزةٌ انتي بفكرك . . فقد جسّدتي لنا ماضيـك على هيئـة واقـع حالي . . مع كل حرف قد كتبتـه . . رأيت المواقف بعينـي . . و سمعت اصوات اعتراضاتهم . . ورأيت عيناكِ المتحيـّره . . لقد ولدتـي مميزه. . فكوني دائمـا كذلك . .
سلام عليكم..
مشاء الله ، ابهرتني ... شكراً جزيلاً
من بيئة بدويه الى جوبان الكرة الارضية من اقصاها الى اقصاها..!
السؤال المهم هو كيف استثمر هذه التجربة بالفعل مقلق ومخجل إن لا اخرج بشيئ نافع لي..؟
لو اردت البدأ من اين ابدأ..؟ وكيف ابدأ..؟ اعرف حاجتي للتغيير ممكن تدلينا على اهم خطوة ..؟
حتى يأذن الله تعلم درس جديد كونوا خير مدرسين ودارسين
البدء دائما باتخاذ قرار واحد وهو أن نستلم زمام الأمور في حياتنا، ولا نتركها للصدف تسيرها حيث شاءت، فنحن نعيش عصرا استثنائيا حقا لم يعد للمستحيل فيه وجود، و أنعم المولى علينا بقدرات ذاتيه خارقة علينا اكتشافها، كل واحد فينا أدرى بالمواهب التي وضعها المولى فيه، و عليه فقط استغلالها الاستغلال الأمثل، شخصيا أراك قد اتخذت هذا القرار فعلا ووضعت رجلك على بداية الطريق، فاستمر في اتخاذ خطوات صغيرة و أعدك بأنك ستصل مهما كانت الخطوات متناهية الصغر، حدد هدفك بدقة و انطلق نحوه ذلك هو الخيار الوحيد أخي علي
إرسال تعليق