05‏/01‏/2015

ضع هذا الحمل عن كاهلك

 

Share Buttonلا شك أن المشاعر السلبية هي عدو الانسان الأول فهي تقف وراء فشل البعض وعجزهم عن تحقيق أي نجاحات تذكر ليس فقط في المجال المهني، وإنما حتى على الصعيد الشخصي والانساني، وخاصة الصعيد الأسري، فتجد البعض يعيش حياته في بؤس شديد، وإحباط، وشكوى وتذمر دائم يؤدي إلى نفور الناس من حوله وتجنب رفقته، والجلوس إليه، فلم يشعر يوما بطعم السعادة، ويشبه براين تريسي المشاعر السلبية بالسلاسل الثقيلة التي تقيد المرء وتأخذ منه متعة الحياة الحقيقيه ذلك أن المشاعر السلبية أدت إلى هلاك البشر ودمارهم عبر العصور بشكل أكبر بكثير مما فعل الطاعون وغيره من الأوبئة، لذا فإن أول خطوة للنجاح هو أن يحرر المرء نفسه من هذه المشاعر التي تقيده، كالخوف والغيرة والحسد والشفقة على الذات، والغضب، ويستعرض تريسي في كتابه الشهير (الأهداف) أربعة عوامل يرى أنها تقف وراء المشاعر السلبية، لو أدركناها ووعيناها لأمكن لنا تجاوزها، ولانسابت عوضا عنها فيض من المشاعر الايجابية التي تمنح المرء دافعا للعمل والانجاز، وتضفي على حياته شعورا عارما بالرضا والسعادة، وأولى هذه العوامل بلا شك هو التبرير واختلاق الأعذار لنفسك والمحيطين بك بأنك محق تماما في شعورك بالغضب، لذا فإن الانسان الغاضب تراه على الدوام يسهب في التبرير والشرح واستعراض أسباب غضبه، بالتالي يضع نفسه في دوامة لا تنتهي من المشاعر السلبية لا يخرج منها، وهناك فئة أخرى من البشر ذات حساسية مفرطة تجاه رأي الاخرين فيها، ومعاملتهم لها، فبالنسبة لهذه الفئة من الناس فإن صورتهم الذاتية تحدد حسب ما يقوله الاخرين لهم أوعنهم، وكيف ينظرون إليهم، فلدى هذه الفئة شعور شبه معدوم عن قيمتهم الذاتية خارج ما يظنه الناس بهم، بالتالي لو كانت هذه الاراء سلبية– حقيقية او يتصورها- فالضحية فورا تنتابه مشاعر من الغضب والاحراج والخجل والشفقة على الذات او حتى الاكتئاب، صحيح أن احترام الاخرين ورضاهم مطلب بشري وأحدى الاحتياجات الانسانية الرئيسية، فمنذ بدء الخليقة وكل ما يفعل الانسان هو في النهاية من أجل كسب احترام الاخرين، أو على أقل تقدير تجنب فقدان احترامهم له، سواء كان هذا الفعل نجاحا مهنيا أو هنداما أنيقا، أو شهادة مهنية عالية، لكن هناك من يبالغ في الاهتمام برأي الاخرين فيه لدرجة الهوس، ولو أدركت هذه الفئة أنه لا أحد في الحقيقية يفكر فيهم مطلقا، فالناس لديها ما يكفي من الهموم والمشاغل، لا وقت لديهم ليضيعوه على الاخرين، لما أضاعوا حياتهم في تصنع مبالغ فيه، وخوف من النقد، وغضب دائم على ذواتهم والاخرين، كما وضعها أحدهم: لو عرف المرء كيف أن الاخرين في الواقع لايفكرون فيه مطلقا لشعر بالإهانة.
قد ترى أيها القارئ الكريم أنها فرصة لتضع ضمن أهداف العام الجديد التخلص من شعور سلبي واحد على الأقل تشعر أنه يقيد حياتك ويؤثر على سعادتك وصحتك ونجاحك، حسدا كان أم غيرة، غضبا أو خوفا أو انعدام ثقة بالنفس، قد يعتقد الكثيرون بأن هذا مستحيل كونهم عاشوا هذا الشعور طوال حياتهم، لكن أعود وأقول إن الماضي لا يمثل المستقبل، ولكونك فشلت في الماضي لايعني أنك ستفشل في المستقبل، فالظروف تتغير، وأنت تكبر ومستوى وعيك بالتالي يتغير، الحياة قصيرة جدا، لا تستحق أن نضيعها في مشاعر من الكره والغضب، فهذه المشاعر تقتلنا وتدمر كل ماهو جميل فينا، وسيتأتي يوم ندرك فيه أننا أضعنا حياتنا سدى بسببها، في حين أن كل ما كانت السعادة تتطلبه هو تسامح مع الذات ومع الاخرين، فلا تحمل ذاتك أكثر مما تحتمل، وكن رحيما بها، فأنت أولى بها من غيرك، أقترح شعورا سلبيا واحدا لأن التركيز على هدف واحد سيجعل المهمة أسهل، فهذه المشاعر قد تكون تراكمت لديك عبر سنوات طويلة من التعرض للأذى والتجارب المؤلمة ليس من السهل أن تتخلص منها دفعة واحدة، فلو جيء لك ببطيخة كبيرة وطلب منك أن تأكلها دفعة واحدة سيستحيل عليك ذلك، إلا أنك لو قطعتها قطعا صغيرة وأكلتها على شكل دفعات خلال عدة ساعات ستتمكن من أكلها بسهولة شديدة، كذلك هي أهدافك لو قسمتها إلى أهداف صغيرة ستتمكن من إنجازها بشكل أسرع وأسهل، وكلما أنهيت هدف صغيرا سيمنحك ذلك دافعا لإنجاز المزيد، إذ ستدرك بأنك إن استطعت أن تنجز هذا الهدف فبإمكانك أن تنجز غيره، وهكذا وبدون أن تشعر ستجد أنك تقدمت خطوات عملاقة ما كنت تعتقد بأنك قادر عليها في يوم من الأيام، لهذا قيل بأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، خطوة صغيرة هو كل ماعليك أن تقوم به كل يوم، وأولها أن تضع عن كاهلك هذه الأحمال الثقيلة التي تحملها من مشاعر سلبية مدمرة للذات، فنحن لا نخطط للفشل، ولا للتعاسة، ولا للصحة المعتلة، أو الشعور الدائم بالاحباط، لكن هذه الأمور تنشأ نتيجة عدم التخطيط في الواقع.

ليست هناك تعليقات: