22‏/12‏/2014

الرابح الأكبر

يوشك العام أن يطوي صفحاته، فاسحا المجال لعام جديد نستقبله بكثير من الأمل والتفاؤل، وهذه الفترة بالذات فترة مثالية لإلقاء نظرة سريعة على إنجازاتنا أو إخفاقاتنا خلال العام، وبالتالي تصحيح مساراتنا لتدارك مافات، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، من خلال رسم الأهداف للعام الجديد، وقبل ذلك تقييم أوضاعنا في كل مجالات الحياة، المهنية منها والشخصية والاجتماعية، ولعل الأهداف الصحية تقف دائما على قائمة أولويات الكثيرين منا، فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرضى عبارة ترددت على مسامعنا كثيرا في طفولتنا، لم تسمح تلك المرحلة العمرية أن نستوعب معناها، اليوم كثيرون منا يجد نفسه يقف في الضفة الأخرى مع المرضى بشكل أو بآخر، فيرى جليا ذلك التاج الذي يتوج رؤوس الأصحاء، ويتمنى في قرارة نفسه لو أتيح له أن يراه ويدرك قيمته قبل ان يخسره، ذلك أن حياة الرفاهية التي جاء بها النفط لدول الخليج، حملت معها ثمنا باهظا دفعناه من صحتنا، على شكل أمراض مزمنة استنفدت جزءا كبيرا من ثروتنا النفطية، في الانفاق على الخدمات الصحية، فقد تغير مع النفط نمط حياتنا تغيرا جذريا، فهجرنا الأطعمة الصحية التي كانت تعد يوميا في المنزل بكثير من الحُب من قبل ربات البيوت، بوجبات سريعة خالية من القيمة الغذائية وغنية بالسعرات الحرارية، وتغير نمط العمل في الحقول المفتوحة، في الهواء الطلق وبشكل جماعي يجمعنا طوال اليوم بمن نحب من اهل وجيران وأهل حي، في تواصل انساني جميل ناتجا عنه معنويات مرتفعة، إلى وظائف تحبسنا امام شاشات أجهزة حاسب آلي أفقدتنا قوة البصر، وشكلت ضغطا على أعمدتنا الفقرية، ووضعتنا تحت ضغوطات عمل مستمرة مع أناس بالكاد نعرفهم يتغيرون بتغير مقر العمل ومهام الوظيفة فغابت تلك الالفة وذلك التواصل الرائع، وحل محلها التنافس والتقاتل على المناصب والكراسي، لذا أرى شخصيا أن الأهداف المتعلقة بالصحة يجب أن تكون على قائمة الأهداف التي يجب وضعها للعام الجديد، وقد يكون خفض الوزن هو البداية الصحيحة لأي هدف صحي نضعه، لأن أغلب الأمراض اليوم ناتجة عن الأحمال الثقيلة من الشحوم الزائدة عن الحاجة التي نحملها، وبالتالي فإن عملية تخفيف الوزن ستتحول لاشعوريا إلى تغيير جذري في حياتك، ذلك أن خفض الوزن سيتطلب منك تغييرا في نمط غذائك، ونشاطك البدني، الذي ستجده دون أن تشعر ينعكس على كل جوانب حياتك، فانخفاض الوزن سيؤثر على مظهرك العام الذي بدوره سيمنحك ثقة عالية بالنفس، مما ستؤثر على نظرة الآخرين لك، سيمنحك النشاط البدني لياقة عالية وطاقة أعلى ستمكنك من ممارشة أنشطتك الحياتية اليومية بكفاءة أعلى مما سيؤثر إيجابا على انتاجيتك في العمل والمنزل، ادرك تماما بأن البعض منكم وهو يقرأ هذا المقال يقول في قرارة نفسه، لكني جربت سابقا وفشلت، ولهؤلاء أقول فشلك في الماضي لا يعني فشلك في المستقبل، فلكل مرحلة ظروفها، فلا تجعل فشل محاولة سابقة تقف حجر عثرة في طريقك، لذا أظن بأن تغيير المعتقدات والحوار الذاتي مع النفس، يجب أن يكون خطوتك الأولى نحو تحقيق هذا الهدف بالذات، من خلال التوقف عن إعطاء الأعذار لنفسك والمبررات بأنك راض عن وضعك، وانك لست بحاجة لأن يكون لديك جسم جورج كلوني لتشعر بالرضا عن نفسك، هذه أعذار واهية تخفي وراءها عجزك عن الالتزام بنظام غذائي صحي لفترة طويلة، لكن الحقيقة أن أي كيلوجرام إضافي يعني عبئا اضافيا على جسدك، على عظامك وعمودك الفقري الذي سيضطر إلى حمل أوزان ثقيلة، عبئا على أعضائك الحيوية التي ستضطر إلى بذل جهود مضاعفة لإنتاج الطاقة، عبئا على تقديرك لذاتك وانت تدرك في قرارة نفسك بأنك عاجز عن ضبط وزنك، وهو جزء مهم من قيادة الذات، فكيف تتوقع قيادة فريق وأنت عاجز عن قيادة شهواتك، عبئا على من تحب اذا ما سمحت لصحتك أن تتدهور حتى تصبح عالة عليهم، ولم كل هذا لأنك عاجز عن الاستمرار في ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة خمسة ايام في الأسبوع، واتباع نظام غذائي صحي، هو ما يحتاجه جسمك ليستطيع أن يحافظ على ذاته معافى حتى آخر يوم في حياتك، إنه والله ثمن بخس اسأل من هو على فراش المرض، ممن ينفقون اليوم كل ما قاموا بتوفيره خلال سنوات عملهم لعلاج أنفسهم أو أحبائهم، حين رخص كل شيء مقابل الصحة، مقابل ليلة نوم هادئة بدون آلام، مقابل أن يستطيع المرء منهم أن يقف على رجله ليصل إلى دورة المياه يقضي حاجته متى أراد دون أن يضطر أن يتكشف عليه أبناؤه، أو يتناول لقمة يشتهيها متى أراد دون أن يفكر في السكر الذي سيرتفع بسببها، صدقوني نصف ساعة مشي يوميا واختيار صحي للطعام أرخص وأسهل بكثير من معاناة المرض .

ليست هناك تعليقات: