24‏/11‏/2014

من أمريكا سلام

Share Buttonhttp://main.omandaily.om/?p=174926  رابط المقال
  • كنت في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية مطلع هذا الشهر، لتقديم ورقة عمل ضمن المؤتمر السنوي لمركز السلطان قابوس للثقافة بواشنطن، و يهدف المركز إلى تعريف المجتمع الأمريكي بالسلطنة، وهذا العام كان موضوع المؤتمر حول المرأة العمانية تزامنا مع احتفالات السلطنة بيوم المرأة العمانية، الأسئلة التي طرحت بعد تقديم الورقة جعلتني بالفعل أشعر بالفخر لكوني عمانية، أحد الحضور سألني: كيف يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تستفيد من عمان في مجال تمكين المرأة ؟ أحد الحضور سأل: ما الحافز أوالدافع الذي جعل العمانيين يتقدمون بهذا الشكل في هذا الزمن القياسي مقارنة بأمم سبقتها بعقود طويلة خاصة، فيما يتعلق بقضايا تمكين المرأة؟!
  • ألقت علي أوني ويكان البرفسورة في علم الأنثربولجي من جامعة أوزلو التي شاركتني الجلسة نظرة مستأذنة بالرد على السؤال نيابة عني: (أنا سأجيب على هذا السؤال، لدى عمان ما لايوجد في أي بلاد أخرى، لديها قابوس)، أوني ويكان هي مؤلفة كتاب وراء البراقع في الجزيرة العربية – نساء من عمان، الذي كتبته إثر قيامها بدراسة المرأة العمانية في مدينة صحار في بداية السبعينات، حيث أقامت في صحار مدة من الزمن أعقبتها بزيارات أخرى لدراسة أوضاع النساء موضوع دراستها، وتسجيل التقدم الذي حدث في حياة العمانيين بشكل عام والمرأة بشكل خاص.
  • رئيس جامعة كينسوا الأمريكية التي استضافت المؤتمر قال في كلمته الافتتاحية : إن إحدى الباحثات من الجامعة بعيد زيارتها للسلطنة قالت له: عليك أن تزور عمان، فطلب منها تفسيرا للأسباب وراء ذلك، فقالت: لأنها مختلفة، هي مختلفة فحسب! ثم أعقب: بعد لقائي بهذه النخبة من العمانيين اثناء التحضير للمؤتمر أدركت سر اختلاف عمان. الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر دعانا إلى حفل استقبال في مركز جيمي كارتر في مدينة اطلنطا، في كلمته الافتتاحية قال: أنا لن أنسى زيارتي لعمان أثناء فترة رئاستي للولايات المتحدة ضمن مجموعة من الزيارات، في كل الدول التي زرتها حرص الحكام فيها على المفاخرة بما حققته دولهم من إنجازات عسكرية وعمرانية واقتصادية، وحده السلطان قابوس أرادني أن أرى موروث بلاده الحضاري والثقافي) أرسل لي زميل عمل رسالة نصية راجيا مني لقاء امرأة أمريكية تود دعوتي على الغداء، وقد سبق لي في الواقع أن التقيت بها في عمان، حيث تمت دعوتي لإلقاء كلمة امام المبتعثين الجدد وخريجي جامعة ساوث كارولاينا القدامى التي تمثلها هذه المرأة، والتي أتشرف بأن أكون أحد خريجيها، مبررا ضرورة استجابتي للدعوة بأن المرأة قبل أن تزور عمان كان لديها صورة مغلوطة عن المرأة المسلمة، ويعتقد بأن لقائي بها سيساهم في تعزيز الانطباع الذي خرجت به عن المرأة السلمة إثر زيارتها لعمان، قالت لي المرأة وهي تودعني بعد لقائنا المطول: لقد بكيت كثيرا وأنا أودع عمان، لم أكن أريد الخروج منها، بلادكم رائعة حقا.
  • قبل السفر كانت هناك كثير من الأصوات تنادي بأن أتوخى الحذر من الجمهور الذي سيحضر إلقاء ورقتي، خاصة وأن المؤتمر في جامعة أمريكية، محذرين بأنه سيتم تفسير كل كلمة اقولها لإظهار تخلف المرأة العمانية، وربما إحراجي أيضا، بحكم دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية كنت أدرك أن هناك فرقا شاسعا بين السياسة الأمريكية وبين الأمريكيين العاديين، قدمت ورقتي بتلقائية، بدون تصنع ولا تكلف، كان حديثا من القلب شعرت أنه وصل مباشرة إلى القلب، شعرت أن جمهوري قرر مثلي أن يستمع إلي بدون أحكام مسبقة.
  • نزلت من الفندق بهدف تناول إفطاري في أحد المطاعم الواقعة بالشارع الذي يقع فيه الفندق، كان خروجي باكرا بتأثير اختلال ساعتي البيولوجية، فلم استطع تحديد وجهة بعينها، كنت متخوفة وشديدة الحذر من المارة الذين كانوا يعبرون الشارع في تلك الساعة المبكرة، وكان غالبيتهم من الأمريكيين من اصول أفريقية، وكنت قد أحضرت حصتي من الأحكام المعلبة التي اسقطتها سريعا على من حولي، فزادني ذلك حذرا، لكن احدى المارات التي تنطبق عليها مواصفات (المجرم) في حقيبة أحكامي المسبقة اقتربت مني مبتسمة عارضة المساعدة، التي قبلتها سريعا، فقادتني بالتالي إلى مطعم أصبحت ارتاده يوميا لتناول إفطاري فيه، كانت في غاية اللطف والرقة.
  • خرجت متجنبة النظر في عيون المارة، لكن هالني أن الكثيرين كانوا يلقون علي تحية الصباح، مما منحني الجرأة لرفع بصري عن الأرض والنظر في عيون المارة مباشرة، والتي كانت مرحبة، مبتسمة، مما دفعني لا شعوريا للابتسام.
  • أثناء خروجي من الولايات المتحدة، أغلقت حقيبة سفري كالعادة بالمفتاح، لأتفاجأ وأنا أصل إلى منزلي بالقفل مكسورا، وفي داخل الحقيبة وضعت ورقة من سلطات المطار مفادها، اضطررنا إلى كسر الحقيبة، في المرات القادمة دعيها مفتوحة.
  • باستثناء هذا الموقف الظريف من أمن المطار، كانت زيارة استثنائية، الوفد الذي كان يمثل جهات حكومية متعددة، تم اختياره بعناية شديدة، سعادة سفيرة السلطنة وموظفو السفارة كانوا رائعين في استقبالهم وحفاوتهم وتنسيقهم للفعالية مع موظفي مركز السلطان قابوس للثقافة الذين كانوا استثنائيين حقا.

ليست هناك تعليقات: