13‏/10‏/2014

مطعم السفير العماني


Share Buttonعلى مدى أربع ساعات متواصلة استمعت بشغف عبر اليوتيوب إلى تسجيل حلقتي البرنامج الاذاعي (حديث الروح) الذي استضافت فيه المذيعة نايلة بنت ناصر البلوشية السفير العماني السابق محمد بن عمر عيديد، إنها سيرة أشبه بالقصص الاسطورية التي نقرأ عنها في الروايات تلك التي استعرضها عيديد من خلال الحوار، سيرة مشوقة إلى أبعد حدود التشويق، محفزة، مثيرة، إنها مصداقا لمقولة «إنه لامستحيل أمام الارادة الحقة والتصميم»، فكل ما حدث لضيف البرنامج كان هو المستحيل بذاته، تمنيت لو أنني استمعت للحلقة حينها لأنني كنت أريد أن أوصل رسالة للضيف، الذي علمت بأنه رفض اجراء الحوار في البداية، وأنه يرفض فكرة كتابة سيرته الذاتيه، وددت أن أقول له إن سيرة مثل سيرتك سيدي الكريم يجب أن تكتب، سيرة كهذه حرام أن تدفن معك، جاك إيف كوست قال يوما: إذا اتيح للرجل لأي سبب كان الفرصة ليعيش حياة غير عادية، فليس من حقه الاحتفاظ بها لنفسه، حياة مثل هذه الحياة التي عشتها يجب أن تتاح للأجيال الحالية والقادمة، فهي تعيد الأمل للإنسانية، إنها دليل حي على أن الخير موجود في كل إنسان، إنها دليل على أن الانسان الذي يضع نصب عينيه حلما فإن الكون كله يتآزر معه لتحيق ذلك الحلم، كما وضعها كاتب رواية (الخيميائي)، تماما كما تآزرت معك كل تلك الظروف، وكما سخر لك المولى أولئك البشر في اللحظة التي احتجتهم فيها بالضبط ليقدموا لك ما كنت تحتاجه تلك اللحظة، إنها ملحمة أخلاقية، جاءت لتؤكد أن رسوخ المبادئ ومتانة القيم هي المفتاح للنجاح الحقيقي، فبالله عليك لا تحرم الانسانية من هكذا سيرة، إن العالم وبالذات في السلطنة يعيش مرحلة حساسة وخطيرة تهدد بانصهار الثقافات وغياب الهوية الوطنية لدى الشباب، مرحلة مليئة بالاحباطات رغم كل التسهيلات وكل النعم المحاطين بها، الشباب العماني يحتاج اليوم أكثر من اي وقت مضى، لقدوات صالحة، قدوات معاصرة، قدوات حية وحقيقية تعيش بيننا، وأمثالك مثال رائع لهذا، لقد أثرت فيّ قصتك ما لم تؤثره فيّ قصة قبل ذلك، وأنا على ثقة بأنها فعلت في الكثيرين ممن تابعوها، يوما ما، أخذت عهدا على نفسي الا أموت والموسيقى بداخلي، وأن أعمل على ترك بصمة صغيرة متناهية الصغر في حياة من حولي من خلال موهبة الكتابة التي من بها الخالق عليّ، من خلال قصصي العادية جدا، وأحداث يومي التي اشارك بها القراء طوال السنوات العشر الماضية، عبر هذه الصفحة، يأتي كل يوم من يقول لي: إن قصصي غيرت حياته، يحدث هذا سيدي الكريم بكلمات بسيطة أكتبها، لأحداث عادية جدا كما قلت، فما بالك بقصة كقصتك، تطرح بهذا الصدق الذي لمسته من حوارك الاذاعي ذاك، عشت حياة ثرية جدا، يحق لك أن تفخر بها، ويحق للأجيال أن تطلع عليها وتتعلم منها، إنها مثال حي للإنسان العماني الفريد، الذي صقلته الحياة الصعبة التي عاشها، ولم يستسلم لها، بل أثبت أن النجاح ممكن رغم الظروف، وأن الظروف التي نتغنى بها ما هي الا شماعة نعلق عليها تخاذلنا وإحباطاتنا، وأنا أقرأ سيرتك تولدت لدي قناعات بأن المستحيل هو ما نقنع به ذواتنا، وان الانسان يزرع ما يحصد فعلا، وأن الحياة صاحب عمل منصف، تدفع لنا الأجر الذي نطلبه بالتحديد، وأنا أقرأ المواقف التي تعرضت لها، أدركت أنه ماخاب من توكل على الله، ووضع مصيره بين يديه، هذه دعوة لمن فاتته الحلقات أن يبحث عنها عبر اليوتيوب ويستمع إليها، وحبذا لو احتفظ بنسخه منها للاستماع لها مع الأسرة، لأن ذلك ما فعلته شخصيا، ولمن لا يعرف محمد عمر عيديد هو شاب عماني نزح من مدينة صلالة في خمسينات القرن الماضي، في رحلة أشبه برحلات ألف ليلة وليلة، صادف خلالها كما من الأخطار والمغامرات الشبيهة بقصص الخيال، متنقلا من بلد إلى بلد حتى حطت به الطائرة أخيرا في الولايات المتحدة الأمريكية التي قضى فيها ما يقارب ثلاثة عقود تقريبا.
لم يترك وظيفة إلا وعمل فيها حتى أسس في النهاية مطعما عمانيا سماه (واحة عمان) في شارع الأمم المتحدة في نيويورك كان ملتقى القادمين العرب إلى الولايات المتحدة ومن ضمنهم الدبلوماسيون العمانيون، وعلى رأسهم مولانا عاهل البلاد المفدى الذي سمع بالمطعم الذي يمتلكه عماني، ويرفع العلم العماني، ويعرف العالم بعمان، في أول رحلة لعاهل البلاد إلى واشنطن في عام 1974 للميلاد، ثم أصبح بعدها عيديد ملحقا ثقافيا لعمان في الولايات المتحدة، ثم سفيرا لها في سويسرا ومن ثم بروناي، قبل ان يتقاعد ويعود إلى مسقط رأسه مدينة صلالة حيث يقضي ايامه في مزرعته (أنيسة) في استراحة محارب استحقها بجدارة… وللحديث بقية


هناك تعليق واحد:

عقارات السعوديه يقول...

يعطيك العافيه على هذا الطرح الجميل







عقارات السعودية
http://www.aqar-sa.com/