25‏/08‏/2014

تعبت من الشغل

تفاجأت بها تعلن استقالتها من عملها كطبيبة وبدون حتى أن تنتظر حتى تحصل على وظيفة أخرى، معللة سبب تركها لوظيفتها المرموقة التي ضحت بالكثير من أجلها، بأنها لا تستطيع التضحية بصحتها وحياتها من أجل عملها، إذ شعرت بأن جميع الطرق قد سدت في وجها، وأنها استنفدت جميع الوسائل للتصالح مع الوضع الذي وجدت نفسها فيه، لكن أعصابها كما تقول لم تعد تحتمل هذه الضغوطات ونكران الجميل من القائمين على إدارة المؤسسة التي تعمل فيها، أمر سمعته مرارا وتكرارا من الكثيرين من حولي، سواء في محيط العمل أو العائلة، كثيرون يعيشون حالة إحباط وعدم رضى من عملهم، للدرجة التي أصبح البعض فعلا يشتكي من أعراض مرضية لم يستطع الأطباء تفسيرها حال انتهاء إجازة نهاية الأسبوع وحلول موعد العودة لمباشرة العمل، وتشير دراسة أجريت في الولايات المتحده إلى أن أكثر الوفيات بالسكتة القلبية تحدث في التاسعة صباحا من يوم الاثنين وهو موعد مباشرة العمل في أغلب دول العالم بعد إجازة نهاية الأسبوع، وتشير إحصائية نشرت في كواليتي دايجست بأن أقل من خمسين في المائة ممن شملهم استفتاء قامت به المجلة ذكروا بأنهم راضون عن وضعهم المهني، لكن الغريب أن قلة من سيمتلك الشجاعة ويتخذ قرارا بالتغيير، وسيفضل الكثيرون الموت قهرا ومللا عن محاولة تغيير وضعهم، ولكل طبعا أسبابه، ولكن متى تعرف بأن الأوان قاد حان للتوقف عن محاولة تحسين أوضاعك الوظيفية، وإصلاح ما انكسر من علاقات مع رؤسائك أو مرؤوسيك أو زملاء العمل، بعد إن شعرت بأنك أحرقت كل سفنك ولم يعد ممكنا العودة، بعد أن تكون علاقتك مع من حولك دمرت بشكل لايمكن معه اصلاحها، أو سمعتك في المؤسسة تدهورت و ان الحل الوحيد هو أن تبدأ من جديد في مكان آخر، لا شك أن أول الأسباب هو تأثير عدم الرضا الوظيفي على صحتك، فالصحة هي ثروتك الحقيقية التي لا تقدر بثمن، هي سبب وجودك على قيد الحياة، إن خسرتها خسرت القدرة على العمل وكسب الرزق، وقبل ذلك خسرت قدرتك على الاستمتاع بما حققت من ثراء مادي، فإذا شعرت بأن الأرق بات يسيطر عليك أغلب الوقت، أو أنك بدأت تشعر بالحاجة إلى استخدام المنبهات الحلال منها أو الحرام فقط لتستطيع تجاوز هذا اليوم، وبدأ مزاجك يتعكر لأتفه الأسباب حينها تدرك بأنه قد حان وقت التغيير، فصدقني لا وظيفة على وجه الكرة الأرضية تستحق أن تضحي بصحتك من أجلها، ولا جدوى من عمل يجعلك تشعر بالاكتئاب لظهور شمس صباح آخر تعرف أنه سينتهي بك في وظيفة أنت تمقتها، وتقضي يومك وسط اناس تكره مجرد النظر إليهم، عندما تشعر بالتعاسة لمجرد التفكير في وظيفتك، وتصبح أسعد أوقاتك هي عندما تدق الساعة معلنة نهاية الدوام، أو الأصعب عندما تكون متعتك هي في تخيل الأذى الذي يتعرض له رئيس الوحدة أو مسؤولك الذي جعلته شماعة تعلق عليها كل فشلك واحباطاتك، وأنت مدرك في قرارة نفسك أن من حولك بريئون براءة الذئب من دم يوسف، حينها أشعر شخصيا أنه من الظلم أن تقضي أكثر من ثلث يومك في تعاسة وكآبة، وكذلك عندما تشعر بأنك أصبحت مهمشا، ووجودك من عدمه سواء، عندها قد ترى أنه قد حان موعد حزم أمتعتك والرحيل،
وأحيانا كثيرة يكون الرضا الوظيفي موجودا وتكون سعيدا جدا في وظيفتك وعلاقتك بمن حولك رائعة، لكنك تشعر بأن الوظيفة لا تضيف لك شيئا ولكون الحاجة للتطور والنمو سمة اساسية في بني البشر، قد تجد نفسك تفكر في تغيير وظيفتك من أجل اكتساب مهارات جديدة وتعلم شيئا جديا ولا بأس ابدا في ذلك، خاصة اذا كنت قد وصلت إلى نهاية السلم الوظيفي في وظيفتك وتدرك أنك ستبقى في هذا الوضع لسنوات طويلة قادمة، تجد معها أن وظيفتك باتت خالية من التحديات التي كانت تحفزك على العمل والانجاز، أو ذا كنت عاملا في القطاع الخاص وبدا ترى مؤشرات بأن المؤسسة التي تعمل فيها معرضة للخسارة أو الافلاس حينها عليك أن تتخذ خطوات سريعة لايجاد البديل، فكثير من الأفراد وجدوا انفسهم بدون عمل بعد أن انتهت عقود الشركات التي كانوا يعملون فيها فتركت هذه الشركات السلطنة وخلفت العاملين وراءها بدون وظيفة، ومن الأسباب أيضا التي تجعلك تفكر في ترك الوظيفة حصولك على عرض أفضل من مؤسسة أخرى، و(أفضل) طبعا أنت من يحددها وفقا لأولوياتك سواء كان ذلك راتبا أعلى أو استقرارا وظيفيا أو فرصا للنمو والتطور، تشعر أن وظيفتك الحالية لن تمنحك إياها، أيا كانت اسبابك فاعمل على الا تأخذ نفسك معك، وأن تكون المؤسسة الجديدة بداية جديدة بالنسبة لك، تعمل فيها على إصلاح العيوب التي قد تكون اثرت في تقييم من حولك لك، وإلا فلن يجدي في هذه الحالة التغيير .

ليست هناك تعليقات: