02‏/09‏/2013

إهمال عاطفي


جمعتنا صالة الانتظار في المطار أثناء رحلة العودة إلى الوطن، وبدأنا حوارا شيقا لدهشتي كان يدور حول موضوع تكرر على مسامعي كثيرا خلال الفترة الماضية، (قانون الجذب) كان يعمل معي بشكل مذهل فكل لقاء يجمعني كان تقريبا يدور حول الموضوع ذاته، والغريب حقا أنني قبل سفري تناولت من مكتبتي رواية ايرلندية كنت قد أحضرتها من سفرتي الأخيرة أمام إلحاح بائع الكتب المستعملة الذي نصحني باقتنائها، ولأن عنوان وغلاف الرواية كانا يحملان إيحاءات جنسية، فقد كان عنوانها (بين الشراشف) رفضت اقتراحه فما كان منه الا أن أعطاني إياها مجانا مؤكدا لي أنها الرواية الأكثر قراءة تلك الايام في ايرلندا وأنها تصب في ذات المواضيع التي تتحدث عنها المجموعة التي اشتريتها، أي مواضيع التنمية البشرية وتطوير الذات، الرواية هي سيرة ذاتية لسيدة ناجحة مهنيا واسريا ومن عائلة محافظة جدا تدفعها الأزمة المالية الأخيرة إلى امتهان أقدم مهنة في التاريخ (الدعارة) بعد ان وجدت نفسها بلا وظيفة وبعد أن تخلى عنها الزوج تاركا لها ثلاثة من الأطفال، لتعيش حياة مزدوجة على مدى عام كامل، بائع الكتب قال لي: أعدك بأن هذه الرواية ستعطيك الجانب الآخر من الأزمة المالية الذي لا يتحدث عنه الاقتصاديون ولا السياسيون، لعله كان محقا إلى حد ما، لكن ما تعلمته من الروايه او بالأحرى ما اكتشفته هو الكثير من الأسرار الرجالية كما تصفها الكاتبة التي تغوص بذكاء في أعماق شخصيات زبائنها من مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية، أدهشني شخصيا كيف أن الرجال ايا كان لونهم وجنسيتهم وديانتهم يتشابهون كثيرا في نظرتهم للأنثى، في احتياجاتهم واهتماماتهم، نعتقد نحن النساء مخطئات بأن الرجل الذي يذهب لهذا النوع من النساء هو رجل سيىء وشاذ وغير طبيعي، لكن بطلة الرواية تكشف كيف أن زبائنها جميعا رجال أسوياء ومهذبون وعلى درجة عالية جدا من الالتزام وهم ناجحون إلى حد كبير، وأرباب أسر وآباء مثاليون، والأكثر غرابة أن أغلبهم يحبون زوجاتهم حد الجنون، لكن أغلبهم يشتكون (الاهمال العاطفي) من زوجاتهم مع دخول الأطفال إلى حياتهن، فيستأثرون بكل اهتمامها ووقتها وعواطفها، لعل تعريفنا للخيانة نحن النساء نختلف تماما عن تفسير الرجل لها، وقد أثبتت لي مكالمة وصلتني قبل اسابيع من أحدهم مستنجدا ومستغيثا أن أساعده في الحفاظ على بيته إن صحت هذه العبارة، فقد كان يبكي كطفل صغير بالكاد كنت أميز الكلمات التي تخرج منه بصعوبة وهو يستجديني أن أساعده، فقد كشفت زوجته خيانته لها فتركت له المنزل بعد أن أخذت أطفالها الأربعة معها، وهو أمر أثار جنونه كما يقول واصابه بالانهيار، فهو لا يتخيل حياته بدون زوجته التي يحبها حد الجنون، لم يذكر الأطفال خلال المكالمة إلا مرات معدودة، هذا فرق آخر فبالنسبة للمرأة يأتي ابناؤها على قائمة أولوياتها لكن كثيرا ما أسمع من بعض الصديقات أن الزوج المسافر بمجرد أن يسمع صوتها ويطمئن على الاطفال منها يغلق الهاتف ولا يطلب التحدث معهم، عودة إلى رفيق المطار الذي كان يشكو لي الاهمال العاطفي من زوجته بعد إنجاب أطفالهما، وكيف أن أقصى ما يطمح له بات سويعات يقضيها مع رفيقة دربه، التي يعترف بأنها ما زالت رغم السنين هي الأنثى الأجمل والصديقة الأقرب، وأنه يتوق لحديثها يحلم بأن يشاركها أحلامه وطموحاته وهمومه، يحلم بأن يخرج معها هي دون رفاقه يحتسي معها فنجان قهوة في مكان عام، أو يمشيان معا على الشاطئ متأبطا ذراعها، يحلم بأن تشاركه سفراته الكثيرة خارج الوطن التي تفرضها عليه وظيفته، لأنه يفضل رفقتها هي عن سواها، لكن الأطفال يستحوذون على كل اهتماماتها وعواطفها كما يقول، شكوى محدثي الأخير سمعتها مرارا وتكرارا من رجال في مختلف المستويات، مشكلة (الأهمال العاطفي) الذي يشعره بأنه ليس الأول في حياة زوجته، أو انه بات مصدر لقمة عيش لا اكثر، وهو أمر يدفع بالبعض إلى البحث عن الاهتمام خارج المنزل ، والمؤسف أن طلبات الرجال في كثير من الأحيان بسيطة جدا، لا تتعدى شيئا من الاهتمام وبعضا من الحب وكثيرا من الاحتواء، لكن كثيرا ما تنصهر المرأة في دورها كأم متناسية هذا الفرد الأساسي في الاسرة، وإهمال المرأة لا يقتصر على زوجها وحده بل يتعداه إلى اهمال ذاتها، فتجد المرأة بعد الزواج وقد اهملت هندامها وتخلت عن هواياتها واهتماماتها وعلاقاتها الاجتماعية، وانكافأت على ذاتها في الوقت الذي يخرج الرجل فيه إلى العالم، يحتك بخبرات متعددة، يكتسب مهارات وقدرات جديدة، فيما تبقى هي متقوقعة على ذاتها فلا تواكبه في النمو والتطور، فتحدث الهوة العميقة التي تحول الكثير من الأزواج إلى رفيقي سكن لا اكثر، لا يربطهم سوى الواجب والشكل الاجتماعي، الذي يتمسك به بعض الرجال حتى الرمق الأخير على حساب متطلباتهم الأخرى، فيما يتخذ البعض قرارا اعترف لي الكثيرون بصعوبته وهو الزواج بأخرى بعد أن تكون المرأة لم تترك لهم خيارا آخر، وللموضوع بقية!

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

مرحبا استاذتي العزيزة
فقط لدي تعليق بسيط
اعتقدان الرجل طفل كبير بحاجة الى الاهتمام والعنايةووينتابه الفراغ العاطفي الذي في اعتقادي ان المرأة تعاني الشي ذاته وتفوقه في ألم المعاناة فالمرأة قارورة تحتاج الى الرعاية والعناية والاهتمام والحذر الشديد في التعامل معها ,

المرأة عزيزتي قدتكون قمة في كل شئ قلبا وقالبا ولكن هنالك الخمس نساء اللاتي يطاردن الرجال في هذا الزمان
متبرجات بهدف الايقاع و المتعة الحرام ،
الوازع الديني اندثر في هذا الزمان
ولم تعد للقيم الاخلاقية اي معنى
الاجساد العارية والمظاهر الحيوانية هي معايير تجوب في قعر دارنا
لم تعد الام مدرسة تجدي
الارتباط الزوجي مؤسسة قائمة على الشراكة من كلا الطرفين ،لا على طرف دون الاخر ..
كلاهما ذو مشاعر تحتاج للإحتواءو الاهتمام والحب .
وقدتفوق المرأة الرجل في ذلك الاحساس بالفراغ العاطفي
وتنجرف الى الحرام كما ينجرف
ثم ماذا ؟؟؟
ان اخطاء الرجال دائما تبرر على حساب المرأة ،،
والرجل الذي يذهب لهذا النوع من الفسادهو شاذ وغير طبيعي وغير سوي وغير مهذب ومن يعتقد العكس فهو المخطئ.

لان من يفعل ذلك يغضب الله الذي امر بإحصان الفروج ..
يغضب رب الارباب الذي حرم هذا الفعل الشنيع الذي توعد الله فاعله بالعقوبة في الدارين .
انهم غير اسوياء مهما كان السبب لا يعطيهم الحق في الاثم الذي يرتكبون ...


المرأة تتحمل العبأ الاكبر ومع ذلك نجد من يتنكر الفضل ويصفق للعاهرات .

Unknown يقول...

مساء الخير
لاشك أن كلا من الرجل و المرأة يحتاج إلى إحتواء و عاطفة وهذا لا يختلف عليه اثنان، لا أبرر الحرام و العياذ بالله و إنما أوردت وجهة نظر الكاتبةمن خلال تجربتها هي، تحدثت عن واقع معين نعيشه وهو إهمال بعض النساء للأنفسهن و لرجالهن الذي قد يؤدي في النهاية إلى هروب الرجل من المؤسسة الزوجية! شاكرة لك مشاركتي الرأي