09‏/09‏/2013

أنوثة طاغية


استكمالا لموضوع الأسبوع الماضي عن (الإهمال العاطفي)، وجدت المستشارة الأسرية والنفسية عائشة النظيرية ترسل لي مرة أخرى دعوة لحضور حلقة العمل التي تقدمها بعنوان (أنوثة طاغية)، وكنت قد اعتذرت مرارا عنها بحجة الانشغال، وإن كان السبب الحقيقي أنني لم أعتقد أنني بحاجة إلى هكذا برنامج رغم ثقتي في قدرات المدربة، وبالتالي خجلت من تكرار ذات العذر هذه المرة أيضا إضافة إلى كوني اعتقد أن هؤلاء المستشارين النفسيين يستطيعون تمييز الأعذار الواهية، ومن نظرة عائشة لي أدركت أن العذر لم يقنعها فقررت أن أشارك من باب المجاملة، لتثبت لي التجربة للمرة الألف بأنني مخطئة، فمع كل برنامج أشارك فيه أو كل كتاب أقرأه اكتشف مقدار جهلي، الحلقة من عنوانها موجهة للأنثى من اجل تعليمها كيفية إبراز جمالها الطبيعي، والتأثير على من حولها في محيط أسرتها، أدهشتني أنها بدأت بالكاريزما وضرورة أن يكون لدى الأنثى كاريزما قوية من أجل القدرة على التأثير ليس فقط على الرجل ولكن على الأبناء أيضا، لأنه بالفعل كلما كانت شخصية المرأة قوية باعتدال ومؤثرة كانت اقدر على التأثير، شخصيا ذكرتها عدة مرات في هذه الصفحة بأن نجاح الأسرة وسعادتها واستقرارها يرجع بنسبة كبيرة إلى المرأة، مصداقا لمقولة شوقي (الأم مدرسة أذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق) ذلك أن الأسرة هي نواة المجتمع إذا صلحت صلح المجتمع، وصلاح هذه الأسرة بصلاح المرأة التي تديرها، تغفل الكثير من النساء هذه الحقيقية فتجدها تركز كثيرا على المطبخ وعلى العناية بهندامها لإظهار اهتمامها بأسرتها، وتهمل شخصيتها التي هي أهم مقوماتها على الإطلاق، لأن تجاهل هذا الجانب يحدث كما ذكرت في المقال السابق تلك (الهوة الثقافية) بين الزوج الذي ينمي ويطور قدراته ومهاراته على الدوام من خلال تثقيف نفسه والاحتكاك بالآخرين وممارسة مهام عمل مختلفة، فيما يبقى تركيز المرأة على البيت والأطفال، وكثير من الأحيان على حساب نفسها وزوجها، كثير من النساء اللائي حضرن بعض الحلقات التي أقدمها ذكرن لي أن علاقتهن بأزواجهن تحسنت بشكل كبير جدا عندما بدأت المرأة تهتم بنفسها وتخرج من محيط البيت وتعمل على تطوير ذاتها، وهذا أمر أراه طبيعيا جدا، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والتوازن مطلب في كل نواحي الحياة، عدد من النساء المشاركات جئن مثلي يتوقعن أن يكون برنامج الحلقة من عنوانه سيكون حول سبل جذب الرجل من خلال الاهتمام بالمظهر الخارجي والهندام، لكن الأنوثة كما ذكرت المدربة لا علاقة لها بالمظهر العام في كثير من الأحيان بقدر ما هي شخصية وإحساس داخلي، تلك هي الأنوثة بمفهومها الواسع والحقيقي، والتي هي شخصية قوية معتدة بنفسها، واعية ومتزنة، وذات تأثير قوي على من حولها فكثيرا ما نستغرب عندما نرى شبابا في منتهى الوسامة والنجاح يتركون زوجاتهم من أجل امرأة لا تحمل ابسط مواصفات الجمال والأنوثة من وجهة نظرنا، قبل أيام بدرت مني شهقة وأنا أرى شابا عماني وسيما يدخل المطعم بصحبة امرأة أجنبية مفرطة السمنة، عندما بادرت رفيقتي بالقول: لا عليك من المظهر الخارجي فقد تكون بالنسبة له من أكثر النساء أنوثة فما يجذب الرجل للمرأة اكثر بكثير من ملامح جميلة بلا روح، لا يعني هذا طبعا أن نغفل مقومات الجمال الخارجية الأخرى، فالحلقة كانت تتضمن فقرتين أعترف شخصيا أنني تفاجأت بهما الأولى قدمتها مدربة أصوات، لتدريب النساء على استغلال تلك الموهبة الربانية في التأثير على من حولها – والفقرة الثانية قدمتها امرأة روسية خبيرة في فن الرقص الإغوائي، لكن طبعا لم يكن الرقص الإغوائي هو الموضوع بقدر ما كان التدريب على الجلوس والمشي كأنثى، من اجل مساعدة المشاركات على إظهار الأنوثة الفطرية التي وضعها رب العالمين في كل أنثى، ففي النهاية لا توجد أنثى بشعة، لكن توجد إناث تعلمن كيف يبرزن مكامن الأنوثة، من المدهش أن هناك نساء مبادرات ولديهن الاستعداد للتغيير والمحاولة، لأن هناك كثيرا من النساء يتحججن بعبارات مثل: الله خلقني هكذا أو أنا لا أجيد التزين أو أنا بلا ذوق، وهلم جرى، وهي كلها أعذار يتحجج بها البعض ممن لا يملك الجرأة على المحاولة والتغيير، طبعا الحلقة احتوت على محاور أخرى كالعناية بالشخصية والهندام وآداب المعاشرة وغيرها، لكن تبقى هذه كماليات، لأنه في النهاية على المرأة أن تحب ذاتها أولا وتهتم بها من أجل أن تتمكن من حب من حولها والاهتمام بهم، أزواجا كانوا أو أبناء ففاقد الشيء لا يعطيه فعلا!.

ليست هناك تعليقات: