01‏/07‏/2013

نجوم أرضية

 قبل فترة وضعت تعليقا في صفحتي على الفيسبوك مستدلة فيه بمقولة للمستشار الألماني بسمارك وعلى الرغم من أنني أعقبتها بمقولة أخرى لسيدنا عمر رضي الله عنه، إلا أن ذلك لم يمنع قارئ غيور من تنبيهي بأنني استدل كثيرا بنماذج أجنبية في مواضيعي، وهي ملاحظة أوردها بعض القراء أيضا على كتاباتي في معرض تعليقهم على بعض المقالات، وهي ملاحظة أتفق معها تماما، إلا أنه وإن كنت أستدل بشخصيات غربية ليس ذلك لأنني لا أجد في تراثنا الإسلامي وحاضرنا نماذج مشرفة وقدوة يحتذى بها، لأن هناك الكثيرين ممن لديهم مواقف وأقوال خالدة، وقد استنبطت قبل فترة بعض العبارات من كتاب الدكتور غازي القصيبي (تجربة حياة) نزلتها في موضوع في المدونة يمكن أن تصبح عبارات خالدة وأقوالا مأثورة، وأثناء تتبعي لصفحات بعض الدعاة والمشايخ الذين أتابع أعمالهم باستمرار من أمثال الشيخ عايض القرني وعبدالرحمن العريفي والدكتور سلمان العودة، تمر علي أقوال أستطيع القول بأنه كان لها تأثير كبير جدا على حياتي، وكذلك القصص التي يرويها هؤلاء عن أبطال وشخصيات بسيطة من المجتمع لكن لديها قصص رائعة حقا تروى، تمنيت فعلا أن يكون لدينا سلسلة كسلسلة (شوربة دجاج للروح) لجاك كانفيلد ومارك فيكتور هانسن، تجمع فيها هذه القصص من بيئتنا ومجتمعاتنا فهي بالتأكيد ستكون أكثر واقعية، وصدقا وتأثيرا في النفس، إنني حين استدل بهذه القصص لا يعني بأي حال من الأحوال أنني أنكر وجود قدوات تستحق أن نحتذي بها على الإطلاق، لكن ربما لكون قراءاتي كلها تقريبا باللغة الانجليزية فيما يتعلق على الأقل بكتب تطوير الذات والتنمية البشرية، فتعلق بعض هذه القصص في ذاكرتي دون وعي مني، بعيدا عن الماضي والتراث فأنا شخصيا أنعم الله سبحانه وتعالى عليّ بعدد من الأشخاص في حياتي كان لهم دور كبير جدا في رسم ملامح شخصيتي من أفراد أسرتي إلى أصدقائي إلى زملاء عمل، وبطلي الأول بكل تأكيد ومثلي الأعلى وقدوتي في الحب والتسامح والتنزه عن التوافه كان والدي رحمه الله، مثلا حيا على الحكمة التي كان يرددها علينا طوال حياته أنا وإخوتي (الحب على بذراه) وقد أثبتت لي الأيام وما زالت صدق هذه الحكمة، ففي كل مجالات الحياة لا يحصد المرء إلا ما يزرعه وردا أو شوكا، وكان والدي طوال حياته حريصا على ترك ذكرى طيبة أينما ذهب، ويتمتع بروح فكاهة من النادر وجودها مما أوجد له مكانا دائما في قلوب من عرفوه رغم مضي ما يزيد عن العقد ونيف على وفاته.
في بيئة العمل أنعم الله سبحانه عليّ بوجود شخصيات على درجة عالية جدا من الروعة، تعلمني كل يوم درسا جديدا في رسوخ المبادئ ومتانة القيم، تجعل المرء يدرك أن زمن البطولات لم ينته حقا، وأن المعجزات في حياتنا مستمرة، سبحان الله فكل يوم أتعلم درسا جديدا من هذه الشحصيات التي منّ الله سبحانه عليّ بأن جعلها تدخل حياتي بشكل أو بآخر، هناك حتما بعض الأصدقاء أيضا الذين يجعلونني أستيقظ كل صباح شاكرة المولى أن وضعهم في طريقي فقد كانوا دوما مصدر دعم وحب لا ينقطع، وإغفالي عن ذكرهم لا يعني بأي حال من الأحوال نكرانا لتأثيرهم الإيجابي على حياتي، وإن كنت قد تعرضت للكثير منهم في كتاباتي، لكن ربما لأننا تعودنا أن تكون النجوم بعيدة دائما، فنظل نحملق في المدى البعيد، مما يجعلنا لا نرى النجوم الحقيقية التي تضيء حياتنا بشكل دائم، والذي يؤلمني بأنه أحيانا يتطلب الأمر سنوات طويلة، فمنذ أيام فقط اكتشفت (بطلة) وشخصية استثنائية جدا، كانت تعمل تحت إشرافي المباشر ولسنوات طويلة، لم اكتشف معدنها الحقيقي إلا بعد أن جمعني بها نشاط بدأته أخيرا في المؤسسة، وعليّ الاعتراف بأنني تعلمت درس حياتي على يد هذه الزميلة الرائعة في لقاءاتنا الأخيرة، ولعل السيول التي تعرضت لها السلطنة مؤخرا والأنواء المناخية التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة لهي دليل قاطع بأن هناك العديد من الأبطال يعيشون بيننا وينتظرون فقط الفرصة لإظهار هذه البطولات، فتظهر الشجاعة في أجمل أشكالها، ويظهر إنكار الذات في أجمل صوره، وتظهر الشهامة والكرم في أبهى حلله، تجعل المرء يتساءل فعلا، كيف لي أن لا ألحظ هذه الشحصيات الرائعة في الظروف العادية، أو بالأحرى كيف استطاع أصحاب هذه الشخصيات إخفاءها طوال تلك المدة ، من الظلم فعلا أن يعتقد أحدنا أن الأبطال يوجدون في كتب التاريخ وقصص التحفيز الذاتي، لأن الأبطال حولنا كثر لكننا كما أسلفت نبحث عن النجوم في الأفق فلا نلحظ تلك التي تعيش بيننا وتضيء حياتنا بشكل دائم، فلكل هذه الشخصيات التي أضاءت حياتي كل يوم ألف تحية!
 

هناك تعليق واحد:

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
انتم مصداق لإولئك الابطال شمس مضيئة يستدل بها على الطريق
كل عام وانتم بخير مبارك عليكم حلول شهر رمضان