03‏/03‏/2013

ماذا عن بيتك الصغير ؟


لعل من أسوأ الأمور التي أكسبتنا إياها حياتنا العصرية هذا الهوس بالرشاقة الذي كلما تمسكنا به أكثر كلما عاندتنا الشحوم وتراكمت بشكل أسرع حتى حولت البعض منا إلى كتل شحم متحركة، صارعت شخصيا طويلا فترة لا بأس بها من شبابي للتخلص منها عن طريق الحميات الغذائية، مررت على أغلب وصفات تخفيض الوزن التي وقعت تحت يدي- أحمد المولى انه لم يكن الانترنت قد انتشر حينها- امتلأ بيتي بكافة أنواع الأجهزة التي تعد بخصر سندي كراوفورد- عارضة الأزياء الأولى في العالم على زماني- واتبعت كل الحميات الغذائية التي سمعت عنها، والنتائج دائما عكسية إلى ان بدأت برنامج تطوير الذات واكتشفت فلسفة مدرسة التفكير الايجابي الذي غير حياتي بشكل لم أحلم به على الاطلاق، وخلصتني من الكثير من السلوكيات والعادات السلبية وشمل هذا التغير رفيقة دربي (كتل الشحم البيضاء) التي رافقتني فترة لا بأس من فترة شبابي، فقد تيقنت من خلال اطلاعي على أعمال خبراء التنمية البشرية على مدى السنوات الماضية، أن أي إدمان بما فيه إدمان الطعام هو سلوك وعادة سيئة يمكن التخلص منها بمعرفة مسبباتها، أو بالأحرى ما يدفعنا إلى ممارستها، وجاء الدرس الأكبر على يد الفيلسوف الأمريكي وخبير التنمية البشرية جيم روهن في عبارة قرأتها له يوما مفادها (اهتم بجسدك فهو المكان الوحيد الذي ستعيش فيه ما تبقى لك من عمر)، كانت قراءة تلك العبارة بمثابة صحوة جعلتني أقيم حياتي كلها، ثم اكتشفت أعمال الطبيب الأمريكي من أصول هندية ديباك تشوبرا والذي يمزج بين الطب الحديث والطب التقليدي (الايوفيدا) في علاجاته، وله الفضل الأكبر في جعلي اتصالح مع جسدي وتغيير نظرتي له، من شكل خارجي يمثلني، إلى (بيت) أعيش فيه روحا و قلبا وعقلا، فأنا لست جسدا خارجيا وهذا الاطار الخارجي لا يمثلني، أنا اكثر بكثير من ذلك. علمتني أعمال ديباك تشوبرا ايضا كيف احترم هذ (البيت) الذي يؤويني والذي يعمل على مدار الساعة لابقائي على قيد الحياة بكافة أعضائه وخلاياه، حارسا لي من المخاطر التي قد اتعرض لها في البيئة من حولي، فيتجاوب معي خوفا او غضبا او الما، الأمر الذي جعلني أعي مشاعري بشكل أكثر أيضا، وأشعر بالامتنان للمولى جلت قدرته عليها، فقد أدركت أن هذه المشاعر هي الجنود التي تحرس حياتي، فهي تنبهني في حالة تعرض أي عضو من أعضاء جسدي للخطر لأتدارك الأمر، هي اللغة التي تتحدث بها إلي أعضائي مطالبة لي بالاهتمام والتدخل في معالجة الوضع، كما يحدث مع الألم على سبيل المثال، والذي هو ليس سوى طريقة أعضاء جسدي في طلب المساعدة، التي تعلمت أنها قد لا تكون أكثر من إراحة جسدي و منحه الفرصة لعلاج ذاته فقد وضع المولى جلت قدرته كل وسائل الحماية والعلاج لأجسادنا بحيث تكون مؤهلة للعلاج الذاتي، ومقاومة أكثر من 80% من الجراثيم التي تغزوها، بالتالي الأمراض التي تظهر أعراضها علينا ما هي إلا نتيجة الـ20% من الجراثيم التي تخطت أجهزتنا المناعية، وحتى هذه لو منح الجسد الوقت الكاف سيكون قادرا على التخلص منها بفضل جهاز المناعة المتناه الدقة الذي وضعه من خلقنا في أحسن تقويم فيها، هذا الاكتشاف ربما يكون هو وراء هذا الاحترام والاعجاب الذي أصبحتُ أكنه لجسمي، وهو وراء هذا الالتزام الذي كثيرا ما يثير سخرية أو غضب بعض ممن حولي ممن اضطر ان أعتذر منهم عن تناول الحلوى العمانية الممدودة لي أو العصائر المعلبة التي أصبحت نفسي تشمئز منها، خاصة في بيئة العمل الذي تدور فيه حاويات الحلوى بشكل دائم من قبل الزملاء الكرام احتفاء بمناسباتهم السعيدة ترقية كانت أو زواجا او مولودا جديدا اضطر أن اعتذر عنها، وهي السبب وراء التزامي ببرنامجي الرياضي مهما كانت الظروف، فقد شعرت بأن هذا حق من حقوق أعضاء جسدي التي تمنحني الحياة و توفر لي مسكنا أعيش فيه، كثيرون ممن حولي يشتكون من عدم قدرتهم على الالتزام بنظام غذائي صحي والاستمرار في الرياضة التي يؤمنون بأهميتها و فوائدها ويعملون جاهدين على ادخالها في نظام حياتهم، أعتقد شخصيا أن هذه الامور يمكن أن ندخلها كاسلوب حياة تدريجيا بعد معالجة الأسباب التي تجعلنا نسيء معاملة اجسادنا بهذا الشكل، اذ أن هناك سببا خفيا دائما وراء أي سلوك سلبي أو إدمان بما فيها إدمان الطعام، بالتالي تعزيز الثقة بالنفس وعدم حرمان نفسك من أي طعام تحبه، فالحكمة دائما في (الكم) إضافة إلى النوع، ومن حسن الحظ أن المطبخ العماني من المطابخ الصحية أصلا ووجباتنا متوازنة جدا، لولا الكميات المهولة من النشويات التي نلتهمها على شكل ارز وخبز وسكر وزيوت نضيفها لأطعمتنا بإفراط، فمن القواعد المهمة التي اتبعها مع نفسي هو عدم حرمانها مما تشتهي حتى لا تحدث ردة فعل عكسية في جسدي، آكل الحلويات بإعتدال وعلى فترات متباعدة وآكل المأكولات السريعة أيضا لكن بكميات قليلة جدا وفترات متباعدة، بحيث أبقي (بيتي) في كامل لياقته ورشاقته دون إفراط أو تفريط !

هناك تعليقان (2):

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
لماذا وكيف ..؟!
هذا ما نحتاجه في حياتنا -كما عبر احد الشخصيات- على مختلف المستويات .
لماذا وكيف وكيف ولماذا .. يجب ان يتبعها عمل صحيح حتى تتغير القناعة بدونها تبقى كمن يدور في مكانه .
طرح موفق ومقالة تشعرك بأهمية الاشياء التى حبانا الله بها وكيف نحافظ عليها ولا يكون إلا بمعرفة قيمتها واثرها علينا ، معرفة قيمة الشيئ تلزمك بالحفاظ عليه بدون المحافظة يبقى الشيئ كأنه لاشيئ .
حتى يأذن الله بوقفة تدبر اخرى كونوا في خير تدبر وتدبير.

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
استشعار اهمية امر من حيث الخطورة أو الضرورة يحتاج الى بصيرة خاصة ، لا تنال إلا بإعمال العقل والتفكر في الاسباب والنتائج ، هذا عمل متاح لكل احد إلا انه صعب على من فقد الارادة وضيع الطريق بحسن التفكر.
للاسف ينقصنا التفكر قبل العمل وبعده ونفتقد التفكير الايجابي بالذات .
حتى يأذن الله بالوقوف على تجارب اخرى نافعة كونوا بخير