هذه العبارة قالها الشيخ خلفان العيسري في كلمة مؤثرة جدا ألقاها خلال انعقاد ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سيح الشامخات، شغلت تلك العبارة تفكيري منذ ذلك الحين لأنها للأسف واقع نعيشه نحن العمانيون في بلادنا أيا كانت مواقعنا، وصخرة نصطدم بها كل يوم مهما بلغت درجة الكفاءة والتحصيل العلمي والتفوق الذي يشهد به العالم من حولنا، مؤسسات كنا أو أفرادا، فكوادرنا الطبية حققت سمعة عالمية، وأطباؤنا يشهد لهم العالم بالكفاءة والمهنية، لكنهم بالنسبة لنا (تعبانين) لاعبو كرة القدم العمانيون حققوا العالمية خارج بلادهم لأنهم في البلاد (ما مال لعب)، ومدربو التنمية البشرية يسيرون في هذا الاتجاه، وهم في الحقيقة موضوع مقالة اليوم، التي أعتذر كونها خرجت عن نمط كتاباتي التفاؤلية، لأنني أكتبها وأنا أتابع عن قرب واقع المدربين العمانيين الشباب، الذين يكافحون لصنع اختلاف في حياة الشباب من حولهم، وأداء دور يؤدونه طوعا حبا في هذا البلد، و اقصد بذلك دور التدريب والتحفيز والتوعية لجيل الشباب، الذين هم منه وبالتالي الأقرب إلى فهم مشاكله وتطلعاته، لأن التجربة أثبتت لنا أن القائمين على رسم السياسات لهؤلاء الشباب لم يستطيعوا مجاراتهم لأنهم جاءوا من حقبة غير الحقبة التي جاء فيها ابناء الواتساب والفيسبوك، الذي ساهم إلى حد كبير في تشكيل شخصياتهم وطموحاتهم وثقافة العمل لديهم، كثير من المؤسسات بدأت تدرك هذه الحقيقة خاصة في أعقاب أحداث فبراير لجأت المؤسسات لخبراء التنمية البشرية والمدربين العمانيين الشباب لتهدئة الأوضاع، من خلال برامج صممت لهذا الغرض تهدف إلى زرع ثقافة العمل وفن الحوار والولاء الوظيفي في فئة الشباب، ومن أقدر من شاب عماني عاش في هذه البيئة وعاصر مشاكلها وكانت له نفس الأحلام والتطلعات أقدر للقيام بهذا الدور، المشكلة كما أراها أن المؤسسات القائمة على تنمية الموارد البشرية في البلاد هي أيضا لم تع هذا الدرس بعد، هذه الجهات التي يخصص لها جزء كبير من موازنة البلاد مازالت تستورد كوادر عربية لتدريب وتأهيل الشباب، والحجة دائما لا توجد كفاءات عمانية وهو أمر أراه شخصيا مخجلا أن نردد هذه العبارة بعد أربعين سنة من عمر النهضة المباركة، لكون هذا دليلا على إخفاقنا كمربين ومسؤولين عن هذا النشء أنه بعد كل هذه العقود لم نستطع صنع كفاءات، وإن كانت كما ذكر شيخنا الجليل أبعد ما تكون عن الحقيقة وهي عبارة ظالمة حقا في شأن الشباب العماني الذي أثبت كفاءته في كل المجالات على الصعيد الدولي قبل المحلي، والمدرب العماني ليس استثناء فقد تشرفت بلقاء والعمل مع مجموعة من هؤلاء المدربين الذين يحملون هم هذا الوطن وأخذوا على عاتقهم حمل أمانة توجيه وإرشاد الشباب العماني أينما يكون من خلال ورش عمل ومحاضرات تطوعية دون مقابل، رغم ذلك عندما حاول البعض منهم شق طريق له في هذا المجال كمصدر رزق اصطدم (بعقدة الخواجة) كما وضعتها إحدى الصديقات التي تمتلك مركز تدريب، فالعماني يساوم على 150 ريالا في اليوم في حين تصرف عشرات الآلاف لمدرب عربي بذات المستوى أو اقل لمجرد أن لديه سيرة ذاتية من صفحتين، قبل اشهر دعيت من قبل دائرة الموارد البشرية في المؤسسة لتوزيع الشهادات على المشاركين في إحدى البرامج التعاقدية لم أكن أعرف عن البرنامج حينها أو المحاضر وأنا أتوجه إلى القاعة في ختام البرنامج لكنني شعرت بالطاقة الإيجابية التي كانت تنبعث من تلك القاعة منذ خروجي من المكتب مما جعلني أسرع الخطى لا شعوريا، المشهد في القاعة كان مذهلا بحق فموظفونا يتحلقون حول المدرب ويستمعون له بإعجاب شديد، ما إن دخلت حتى انهالت علي عبارات الشكر على حسن اختيار المحاضر الذي لم يكن سوى مدرب عماني شاب الذي التقيته شخصيا للمرة الأولى حينها، تقييم البرنامج لم يكن مفاجأة بالنسبة لي بعدما رأيت بعيني ردات فعل المشاركين، لكنها تنحصر في كونه عرف كيف يصل إلى قلب ووجدان الشباب الذين لا يكبرهم كثيرا، لكونه ابن هذه البيئة وبالتالي استطاع أن يسقط إسقاطات من داخل هذه البيئة، وأظن أن هذا هو سبب نجاح العماني في هذا المجال وأرجع شخصيا نجاح الشيخ خلفان العيسري لذات الأسباب، فالعماني ذو طبيعة خاصة وفريدة لايفهمها غير العماني، وأهم مكونات الشخصية العمانية هو الالتزام الديني، وبالتالي فإن الشيخ خلفان يخاطب دائما ضمير المشارك قبل عقله لهذا أصبح أكثر الشخصيات تأثيرا في الشباب كما يجمع كل من عرف الرجل عن قرب، أهل مكة أدرى بشعابها يا جماعة الخير، هذا الجيل من الشباب يملك رؤية قد لا نملكها نحن، يملك القدرة على النفاذ في قلوب وعقول الشباب إضافة إلى القدوة الرائعة التي يمثلها هؤلاء الشباب الواعي الطموح الذي عرف أهدافه ورسمها بدقة ويسير باتجاهها بخطوات ثابتة، فهلا منحناهم فرصة من أجل عمان، من اجل أن يبقى (سمننا في مكبتنا) يكفينا نزيف أموال...
If a man for whatever reason has the opportunity to lead an extraordinary life, he has no right to keep it to himself. (Jacques-Yves Cousteau)
17/02/2013
العماني ما مال شغل!
هذه العبارة قالها الشيخ خلفان العيسري في كلمة مؤثرة جدا ألقاها خلال انعقاد ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سيح الشامخات، شغلت تلك العبارة تفكيري منذ ذلك الحين لأنها للأسف واقع نعيشه نحن العمانيون في بلادنا أيا كانت مواقعنا، وصخرة نصطدم بها كل يوم مهما بلغت درجة الكفاءة والتحصيل العلمي والتفوق الذي يشهد به العالم من حولنا، مؤسسات كنا أو أفرادا، فكوادرنا الطبية حققت سمعة عالمية، وأطباؤنا يشهد لهم العالم بالكفاءة والمهنية، لكنهم بالنسبة لنا (تعبانين) لاعبو كرة القدم العمانيون حققوا العالمية خارج بلادهم لأنهم في البلاد (ما مال لعب)، ومدربو التنمية البشرية يسيرون في هذا الاتجاه، وهم في الحقيقة موضوع مقالة اليوم، التي أعتذر كونها خرجت عن نمط كتاباتي التفاؤلية، لأنني أكتبها وأنا أتابع عن قرب واقع المدربين العمانيين الشباب، الذين يكافحون لصنع اختلاف في حياة الشباب من حولهم، وأداء دور يؤدونه طوعا حبا في هذا البلد، و اقصد بذلك دور التدريب والتحفيز والتوعية لجيل الشباب، الذين هم منه وبالتالي الأقرب إلى فهم مشاكله وتطلعاته، لأن التجربة أثبتت لنا أن القائمين على رسم السياسات لهؤلاء الشباب لم يستطيعوا مجاراتهم لأنهم جاءوا من حقبة غير الحقبة التي جاء فيها ابناء الواتساب والفيسبوك، الذي ساهم إلى حد كبير في تشكيل شخصياتهم وطموحاتهم وثقافة العمل لديهم، كثير من المؤسسات بدأت تدرك هذه الحقيقة خاصة في أعقاب أحداث فبراير لجأت المؤسسات لخبراء التنمية البشرية والمدربين العمانيين الشباب لتهدئة الأوضاع، من خلال برامج صممت لهذا الغرض تهدف إلى زرع ثقافة العمل وفن الحوار والولاء الوظيفي في فئة الشباب، ومن أقدر من شاب عماني عاش في هذه البيئة وعاصر مشاكلها وكانت له نفس الأحلام والتطلعات أقدر للقيام بهذا الدور، المشكلة كما أراها أن المؤسسات القائمة على تنمية الموارد البشرية في البلاد هي أيضا لم تع هذا الدرس بعد، هذه الجهات التي يخصص لها جزء كبير من موازنة البلاد مازالت تستورد كوادر عربية لتدريب وتأهيل الشباب، والحجة دائما لا توجد كفاءات عمانية وهو أمر أراه شخصيا مخجلا أن نردد هذه العبارة بعد أربعين سنة من عمر النهضة المباركة، لكون هذا دليلا على إخفاقنا كمربين ومسؤولين عن هذا النشء أنه بعد كل هذه العقود لم نستطع صنع كفاءات، وإن كانت كما ذكر شيخنا الجليل أبعد ما تكون عن الحقيقة وهي عبارة ظالمة حقا في شأن الشباب العماني الذي أثبت كفاءته في كل المجالات على الصعيد الدولي قبل المحلي، والمدرب العماني ليس استثناء فقد تشرفت بلقاء والعمل مع مجموعة من هؤلاء المدربين الذين يحملون هم هذا الوطن وأخذوا على عاتقهم حمل أمانة توجيه وإرشاد الشباب العماني أينما يكون من خلال ورش عمل ومحاضرات تطوعية دون مقابل، رغم ذلك عندما حاول البعض منهم شق طريق له في هذا المجال كمصدر رزق اصطدم (بعقدة الخواجة) كما وضعتها إحدى الصديقات التي تمتلك مركز تدريب، فالعماني يساوم على 150 ريالا في اليوم في حين تصرف عشرات الآلاف لمدرب عربي بذات المستوى أو اقل لمجرد أن لديه سيرة ذاتية من صفحتين، قبل اشهر دعيت من قبل دائرة الموارد البشرية في المؤسسة لتوزيع الشهادات على المشاركين في إحدى البرامج التعاقدية لم أكن أعرف عن البرنامج حينها أو المحاضر وأنا أتوجه إلى القاعة في ختام البرنامج لكنني شعرت بالطاقة الإيجابية التي كانت تنبعث من تلك القاعة منذ خروجي من المكتب مما جعلني أسرع الخطى لا شعوريا، المشهد في القاعة كان مذهلا بحق فموظفونا يتحلقون حول المدرب ويستمعون له بإعجاب شديد، ما إن دخلت حتى انهالت علي عبارات الشكر على حسن اختيار المحاضر الذي لم يكن سوى مدرب عماني شاب الذي التقيته شخصيا للمرة الأولى حينها، تقييم البرنامج لم يكن مفاجأة بالنسبة لي بعدما رأيت بعيني ردات فعل المشاركين، لكنها تنحصر في كونه عرف كيف يصل إلى قلب ووجدان الشباب الذين لا يكبرهم كثيرا، لكونه ابن هذه البيئة وبالتالي استطاع أن يسقط إسقاطات من داخل هذه البيئة، وأظن أن هذا هو سبب نجاح العماني في هذا المجال وأرجع شخصيا نجاح الشيخ خلفان العيسري لذات الأسباب، فالعماني ذو طبيعة خاصة وفريدة لايفهمها غير العماني، وأهم مكونات الشخصية العمانية هو الالتزام الديني، وبالتالي فإن الشيخ خلفان يخاطب دائما ضمير المشارك قبل عقله لهذا أصبح أكثر الشخصيات تأثيرا في الشباب كما يجمع كل من عرف الرجل عن قرب، أهل مكة أدرى بشعابها يا جماعة الخير، هذا الجيل من الشباب يملك رؤية قد لا نملكها نحن، يملك القدرة على النفاذ في قلوب وعقول الشباب إضافة إلى القدوة الرائعة التي يمثلها هؤلاء الشباب الواعي الطموح الذي عرف أهدافه ورسمها بدقة ويسير باتجاهها بخطوات ثابتة، فهلا منحناهم فرصة من أجل عمان، من اجل أن يبقى (سمننا في مكبتنا) يكفينا نزيف أموال...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليقان (2):
سلام عليكم..
ربما هذا ليس هماً عُمانياً فقط بل عربي وهو المتاح لا يلبي طموح الشباب ، وبدت هذه المشكلة تصيب الدول المتقدمة حتى..!
ويرجع السبب الرئيسي في ان الطبقة السياسية في العالم العربي غير متجددة- ولا يفهم منها التخوين والتقليل من الشأن - هذا يسبب مشكلة مع التطور المتسارع في حين ان من بيده مواكبة هذا التسارع في التطور غير مدرك هذه الحقيقة او انه مدرك لكن غير كفئ ، ولا يتيح للكفئ بالتقدم.
فالكثير من وزارء العرب و من بيدهم القرار على مستوى الوزارة الواحدة والدائرة ، هم ثابتون غير متغيرون إلا بالموت للأسف.
يجب الاخذ بالتغيير عن قناعة وحسب الحاجة ايضاً هذا مهم لا فقط من اجل تغيير الوجوه
الكفائة مطلوبة في كل مكان وزمان لخدمة الانسان
حتى يأذن الله بقراءة واعية فاحصة للتغيير كونوا بخير
اتفق تماما
إرسال تعليق