يستعد آلاف الطلبة العمانيين في الخارج هذه الأيام للاحتفال بالعيد الوطني المجيد سواء عن طريق الملحقيات الثقافية أو بطريقتهم الخاصة، لكن أجواء الاحتفالات ظاهرة جدا على حواراتهم وعلى صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي أظهرت جزءا من هذه الاستعدادات، يساعد على ذلك أجواء الاحتفالات في أوروبا هذه الايام وعيد الميلاد على الأبواب، ومدفوعين أيضا بالحنين إلى أرض الوطن، أجزم أن الكثيرين منهم لم يكونوا يشعرون بهذا الحماس في عمان أثناء الاحتفالات لكن الغربة على ما يبدو تعزز الاحساس بحب الوطن والشعور بالانتماء، عمان تشعر بها هنا عبقا يخرج من أفواه الطلبة الذين ينطقون اسمها بفخر واعتزاز، ما يثلج الصدر أن الطلبة العمانيين في الغالب سفراء مشرفون لبلادهم في الخارج أينما كانوا، لم يتغير الوضع عما كان عليه عندما كنا نحن طلبة منذ عقود مضت، كنت أتوقع أن يكون جيل اليوم أقل إحساسا بالمسؤولية الوطنية هذه، ولعلني أخذت هذا الانطباع مما يكتب في المنتديات العمانية، لكن المذهل أن العماني في الخارج يكبر فجأة سنوات فيما يتعلق بالحس الوطني والمسؤولية، وهذا ما جعل لعمان صيتا في الخارج ولله الحمد بفضل سلوكيات الطلبة العمانيين، أذكر أثناء دراستي في أستراليا بأنني وجدت صعوبة في ايجاد سكن، إلا أن نبهني أحد الطلاب العمانيين بأن عليّ أن أخبر الكاتب العقاري بأنني عمانية، شارحا الأمر بأن الناس هناك يحترمون العمانيين جدا، ويتردد أغلب أصحاب العقارات في تأجير عقاراتهم للطلبة الأجانب خوفا من سوء الاستخدام للعقار! لكن العمانيين سمعتهم ممتازة هناك، الامر لا يختلف في بلدان أخرى التي يوجد فيها تجمعات طلابية عمانية، وهذا مما يثلج الصدر حقا، لم يعد الامر كما كان عليه عند بداية ايفاد الطلاب العمانيين للدراسة بالخارج في بداية الثمانينات، حيث كان علينا أن نخرج الخارطة دائما لنرد على استفسارات الناس لنا عن بلادنا، اليوم أتفاجأ بأنني ما ان أذكر اسم عمان حتى يومئ لي السائل برأسه دليل معرفته بها، وهذا يرجع كما يبدو إلى السياسة الحكيمة لمولانا عاهل البلاد الذي أصبحت عمان مرتبطة بسياسته الحكيمة في أذهان الآخرين، حتى أن الكثيرين يبادرون بالقول عندما نقول لهم بأننا من عمان بالقول: عمان نعم نعرفها لديكم قائد حكيم جدا! الكثيرون ممن صادفت يعرفون عمان من خلال سياسة قائدنا جلالة السلطان المفدى ومن خلال سلوكيات العمانيين بالخارج وعلى رأسهم (علي الحبسي) طبعا الذي يمثل نموذجا مشرفا للعماني دمث الاخلاق الذي لم تغيره الغربة والشهرة، فظل متمسكا بقيمه ومبادئه مما جعله سفيرا للشخصية العمانية الملتزمة، وهو ما يعيه الطلاب العمانيون بالخارج فأنت خارج بلادك لا تمثل نفسك بالقدر الذي تمثل فيه الوطن الذي جئت منه، هذا ما ذكرتني به طفلتي عندما سألتها مازحة بعد تناول وجبة في أحد المطاعم: مالذي سيحدث لوخرجنا دون دفع الحساب برأيك؟! نظرت إلي قائلة: على اعتبار أنك استطعت أن تخرسي صوت ضميرك لن يحدث سوى أنك ستعطين صورة سيئة لهذه النادلة عن المسلمين في كل مكان والذين تمثلينهم بهذا الحجاب! وأظن أن هذا صحيح في كل مكان ومن فضل الله أن هؤلاء الطلاب يدركون ذلك، ولهذا فإن الاحتفال بالعيد الوطني بالخارج لايمثل بالنسبة لهم مجرد إحياء لذكرى وطنية وإشباع لشعور الحنين للوطن بقدر ما هو رسالة لتعريف الاخرين بعمان كأرض ووطن لم يكن الكثيرون يعرفون عنه مثل سنوات قليلة مضت، لكن من النادر أن يذكر اسم عمان اليوم دون أن يعرف الاخر عنها، من خلال أبنائها الموزعين على أرجاء المعمورة طلاب مبتعثين أو دبلوماسيين موفدين في مهمات رسمية أو حتى سياح يجولون العالم لفترات قصيرة لكن بكل تأكيد تترك هذه الزيارات مهما قصرت أثرا وانطباعا لدى شعوب هذه البلدان عن البلد التي يمثلها هؤلاء، شاءوا ذلك أم أبوا، خاصة هذه الايام التي أصبح العالم فيها قرية صغيرة بالفعل بسبب التطور الهائل في وسائل الاتصال الحديثة وزيادة خطوط الطيران التي جعلت السفر متاحا للجميع على اختلاف مستوياتهم المادية بعد أن كان حكرا على الأثرياء وحدهم،فأصبح الكثيرون ممن لم يزوروا عمان يعرفونها من خلال العمانيين المسافرين خاصة الطلبة الذين يحرصون على إحضار الزي والعلم العماني معهم، الذي يستخدمونه في الاحتفالات الرسمية بالعيد الوطني والتي غالبا ما تشمل جنسيات مختلفة يأتي البعض منهم بدعوة كريمة من زميل عماني فيما يأتي البعض مدفوعا بفضول لمعرفة المزيد عن عمان الأرض والحضارة، أحب شخصيا هذه التجمعات جدا لكونها تتيح لي معايشة أجواء الاحتفالات بالعيد الوطني التي أشعر أننا بدأنا نفقد حماسنا لها ونحن موجودين في السلطنة انشغالا بهموم الحياة أحيانا وتعودا أحيانا أخرى أو ربما هو التقدم في العمر يجعلنا لا نرى الأمور كما كنا نراها عندما كنا أطفالا نبتهج بأجواء الاحتفالات الوطنية منها أو الدينية!
هناك 4 تعليقات:
أزف أبهى التهاني والتبركات إلى الشعب العماني الشقيق بمناسبة
العيد الوطني ..
أعاده الله على عمان وشعبها إلى المستقبل والإزدهار الدائم ...
أرق التحايا قلبية
أبـســـنت الـحجي
سلام عليكم...
اعياد سعيدة وايام مجيدة إن شاء الله..
معروف عن الشعب العماني الوداعة والطيبة ،إلى درجة اتهامه بالعزلة فما هو السبب هل للمذهب الأباظي دور في محيط يغلب عليه لون واحد فقط من المذاهب الاسلامية؟
السلطان قابوس معروف بأنه مغرم بقراءة التاريخ لهذا اوجد بصمته الخاصة على عمان هل هذا يعد احد الادوار الرئيسية التى عززت النظرة لعمان بأنها مختلفة عن بقية الدول ؟
المعذرة للاطالة مجرد انطباعات تحتاج الى توضيح ممكن توضحونها مشكورين
ابسنت الحجي
شكرا جزيلا لك
عمان لم تكن يوما معزولة عن العالم سيدي الكريم لكن سياستها مع ماحولها تتميز بالاعتدال لكونها دولة تحترم حق الشعوب الأخرى في تقرير مصيىرها، لا نتدخل في شئون غيرناﻷننا لا نحب أن يتدخل الآخرون في شئوننا، ترببنا على يد قابوس بأن نجعل أفعالنا تتحدث عنا، لا نجيد ثقافة التطبيل، ما كتبته فعلا يدل على عدم معرفة بعمان كبلد عربي امتدت امبراطربته لتشمل الساحل الافريقي، عمان سيدي الكريم هي بلد التسامح الديني بدون منازع، هي فريدة ليس فقط بسبب سياستها الخارجية المعتدلة بل بسبب موقعها الجغرافي و تنوع تضارييها و تعدد الثقافات فيها و عراقة حضارتها، عمان هي الدولة العربية الوحيدة التي حافظت على استقلالها على مر العصور، ادعوك فعلا لزيارتها لترى ذلك بنفسك فمن ييسمع ليس كمن يرى
إرسال تعليق