من الصعب إن لم يكن من المستحيل على المرأة أن تنجح بدون وجود رجل مؤمن على
الأقل بحقها في النجاح، اذ ليس بالضرورة أن يساندها أو يدعمها، يكتفي فقط بأن
يمنحها مساحة من الحرية تمارس فيها حقها في النجاح لا اكثر، كثيرات مررن بي في
حياتي المهنية ممن تنبأت لهن بمستقبل مهني وشخصي باهر بفضل ما تميزن به من قدرات
ذهنية وشخصية، وعزم و اصرار على النجاح، وفعلا كانت الواحدة منهن تسير بثقة وخطوات
ثابتة نحو هدف بدا لي واضحا ومحددا رسمته بدقة وبدأت ترسم خطواتها باتحاهه، بعد
سنوات قليلة التقي باحدى هذه النساء
فاتفاجأ بتراجع ليس فقط في االنجاح المهني بل حتى على الصعيد الشخصي والهندام
والمشية وطريقة الحديث، فقد غابت تلك الخطوات الواثقة ونبرة الصوت التي تحمل
الكثير من العزم، كل شيء تغير فيها حتى كدت بالكاد اتعرف عليها، وأتذكر ما كانت
تردده جدتي على مسامعي دائما بأن الزوجة يمكنها أن ترفع زوجها إلى سابع سماء كما
يمكنها أن تنزل به إلى سابع أرض، وأظن ان هذه المقولة تسري على الأزواج ايضا، فقبل
فترة أرسلت لي قارئة رسالة تستشيرني فيها في مشكلة تمر بها تتمثل في زواجها من
قريب لها يقل عنها في المؤهل الدراسي فهي جامعية وهو لم يتخط الثانوية العامة، قصة سمعتها
مرارا و تكرارا في الواقع، حيث تتحول هذه الشهادة التي كانت في يوم ما حلم حياة
هذه المرأة، الذي دفعت ثمنه سنوات من الكفاح والقلق من جانبها ووالديها ايضا، فجأة
تحول هذا الحلم إلى كابوسمو مزعج يهدد زواجها في كل لحظة بالانهيار، بعد أن قرر
الزوج أن يحول هذا الحلم إلى عدو خفي جاء ليهدد رجولته و تفوقه الذكوري، حيث تحولت
الشهادة إلى موضوع كل حوار يجمعها معه رغم كونها تحاول جاهدة ألا تاتي بموضوع
الشهادات الدراسية مطلقا امام زوجها، الذي بدأت نفسيته تنهار ورغم كونها كما ذكرت
تخلت عن حلم الوظيفة من أجله، فهذا الزوج اختار أن ينزل زوجته إلى سابع أرض عوضا
عن ان يمد لها يده ويطلع معها للسماء، في المقابل اتصلت بي منذ أشهر إحدى الزميلات
وهي عضوة في نادي التوستماسترز لتنمية مهارات القيادة والاتصال الذي اترأسه طالبة
مقابلتي فبادرتها قائلة: هل تودين الانسحاب من عضوية النادي؟! مدفوعة طبعا بتجربة
ذلك الأسبوع من الانسحابات المتكررة من بعض الأعضاء ممن توقعوا على ما يبدوا بأن
البرنامج هو عبارة عن برنامج تدريبي تقليدي يأتي المشارك ليستمع لغيره يتحدث في
موضوع التدريب لايام معدودة ثم يذهب كل شخص في حال سبيله، لذا ما ان ادرك البعض ان
البرنامج هو برنامج تدريب ذاتي لتنمية القدرات وعضويته قد تستمر مدى الحياة كون
التعليم عملية مستمرة أيضا ما بقيت الحياة، فانسحب البعض تباعا، لكن الفتأة
فاجئتني بقولها: ولم انسحب؟! فشرحت لها ما كان يجول في خاطري فوجدتها تصدمني بهذا
الرد: حتى لو أردت الانسحاب لن يسمح لي زوجي بذلك، فقد سبق ان طرحت الفكرة بعد
انسحاب زميلاتي لكنه قال لي: لن اسمح لك بالانسحاب حتى لو بقيت العضو الوحيد في
النادي طالما تسمح أنظمته بذلك، ثم استطردت شارحة: حتى لو سمح لي زوجي فوالدي لن
يسمح بذلك فهو من اشد المتحمسين للتنمية الذاتية وتطوير الذات! هذه الفتاة كانت
أجمل اكتشافاتي لهذا العام حقيقية، فعلى الرغم من اننا نعمل في ذات المؤسسة إلا
أنه لم يتسنى لي معرفتها عن قرب حتى جاء تنفيذ هذا البرنامج الذي كانت من اشد
المتحمسين له، و لقد ذهلت حقا من حماسها و تفانيها في عملها أولا في حرصها على التميز في تطوير ذاتها، و عرفت
السر ذلك اليوم من العبارة التي قالتها لي، فوراءها يقف ليس رجلا واحدا وإنما
اثنان، مما يعني ان نجاحها يكاد يكون مضمونا، في المقابل انسحبت فتيات من الجامعات
لأنهن لم يستطعن تحمل ضغوطات الرجل الذي يقف ورائهن، و الذي تحول إلى عائق و عقبة
في طريق نجاحها عوضا عن ان يكون الدافع الذي يقف وراء تفوقها، والمرأة أحوج لدعم
الرجل من وجهة نظري الشخصية من أجل صعود السلم الوظيفي لأنها بدون هذا الدعم لن
تنجح، فالمرأة مطالبة ببذل جهود اضافية ومضاعفة فقط لتبقى على رأس عملها، فما بالك
بالنجاح والتفوق المهني، وهذا طبعا لا يعني أن الرجل ليس بحاحة للدعم إلا أن الرجل
يجد هذا الدعم تلقائيا من بني جنسه و من زوجته دون أن يسعى له خلافا للمرأة،
فهنيئا لمن وفقت في رجل والدا كان أو زوجا ممن يحمل لها شمعة تضيء طريقها!
هناك 3 تعليقات:
ااستاذتنا حمده
(هنيئا لمن وفقت فى رجل والدا كان او زوجا ممن يحمل شمعة تضئ طريقها )
مقال بقدر فائدته بقدر عظمته وياليت كل زوج تمر عينيه على هذه الصفحة المنيرة المضيئة
الفاروق
أساتذتي....
رائع وجميل كل ما تكتبي ، الى الأمام وفي انتظار إبداعاتك .
سلام عليكم..
وقوف الرجل خلف المرأة هو وقوف شجاع، ووقفة حق إذا كان مسار من يقف خلفها مسار حق، بل هو واجب شرعي يحتم عليه الوقوف والمساندة إذا كان قادراً على ذلك.
للاسف يتناسى البعض حديث النصرة، انصر اخاك ظالماً او مظلوما، فالمرأة تحتاج للنصرة لأخذ حقها في التعلم والرقي بعيداً عن الاعراف الجاهلية التي اخذت حيزاً عظيماً في حياتنا للاسف...
حتى قراءة و نصرة حق اخرى كونوا بخير
إرسال تعليق