عندما عرضت عليّ المهندسة سهيلة الكندية مشاركتها في حملة للتوعية بخطورة استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة لم أتردد لحظة، فأنا كغالبية العمانيين سئمت من رؤية أرقام إحصائيات شرطة عمان السلطانية عن ضحايا الحوادث في شوارعنا، التي وصلت إلى أرقام مفزعة، ومما يزيد الطين بلة كما تقول الحكمة الدارجة أن غالبية ضحايا الحوادث المرورية هم من الشاب، أي ثروة عمان البشرية التي صرفت عليها الدولة من موازنتها مبالغ طائلة من تعليم ورعاية صحية، ووضعت الأسر فيهم أملها كله، وما أن حان موعد قطف ثمار هذا الاستثمار حتى جاءت الحوادث لتحصد ثمار ما زرعنا وفي غمضة عين، وعلى الرغم من أنه لا يوجد في بيانات شرطة عمان السلطانية مما يدل على مساهمة الهواتف النقالة في زيادة معدلات الحوادث في الطرق العمانية، إلا أن هناك ما يكفي من الإحصائيات والمؤشرات العالمية التي تدل على أن استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة ساهم بشكل كبير في زيادة حوادث السير عالميا، وهذا ما دفعنا إلى التركيز على هذا الموضوع في حملتنا التوعوية التي نهدف من خلالها إلى لفت الانتباه إلى خطورة استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة، لذا جاء شعار حملتنا (قيادتي آمنة بلا هاتف)، لنلقي الضوء على هذه الظاهرة القاتلة، وتأتي خطورة استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة من حقيقية أن استخدام الهاتف أثناء القيادة يتطلب من العقل البشري القيام بعدة وظائف في وقت واحد، وهو أمر من الصعب القيام به بذات التركيز والكفاءة في الأداء، وعلى الرغم من أن الكثيرين ينصحون باستخدام السماعات لكن الدراسات تشير إلى أن استخدام أية وسائل غير يدوية ليست ذات جدوى في الحقيقية، ذلك أن ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن معالجة المعلومات التي يستقبلها عن طريق حاسة البصر أثناء حركة السيارة تقل قدرته بنسبة 37% في استقبال ومعالجة هذه المعلومات في حال انشغال السائق بالمحادثة الهاتفية، مما يعني أن المحادثة ذاتها وليس الجهاز مسؤولا عن الحوادث، والمشكلة الكبرى هو أن الأجهزة الذكية التي غزت الأسواق مؤخرا رفعت معدل استخدام الهاتف لأغراض غير المحادثات ككتابة الرسائل النصية والدردشة وتصفح الإنترنت، وهو الأمر الأكثر خطورة خاصة وأن كتابة الرسائل النصية باتت هي الوسيلة الأكثر شيوعا واستخداما في التواصل بالنسبة لغالبية الناس، حيث يرسل المراهق الأمريكي على سبيل المثال في المتوسط 3000 رسالة نصية شهريا وفقا لإحصائيات هيئة الطرق الأمريكية، أي اكثر من ست رسائل في كل ساعة من الوقت الذي يكونون فيه مستيقظين، وتأتي خطورة هذه الوسيلة في أن السائق يحتاج إلى استخدام يده وعينيه وعقله في الوقت ذاته، فكتابة رسالة نصية واحدة تتطلب قيام السائق بإبعاد نظره عن الشارع لمدة 4.6 ثانية، مدة كافية لقطع مسافة تساوي ملعب كرة قدم بسرعة 55 ميلا عرضا وطولا، فكر معي ما يمكن أن يحدث وأنت تقود السيارة مغمض العينين هذه المسافة كلها، ما الذي يمكنك أن يصادفك خلال تلك المدة، وهل ستكون قادرا على التصرف بذات الكفاءة التي كنت ستتصرف بها وأنت في حالة يقظة تامة، بالطبع لا ذلك أن ردة فعلك تكون بطيئة في هذه الحالة، مما يجعلك تفقد الانتباه لأي جسم متحرك أمامك، وقد تفشل حتى في رؤية الأجسام الثابتة بما في ذلك الإشارات المرورية والإشارات الضوئية، حيث تشير الدراسات إلى أن السائق يعجز عن استقبال 50% من المعلومات عن البيئة المحيطة به أثناء استخدامه للهاتف أثناء القيادة، وتزيد فرصة الحوادث المرورية نتيجة كتابة الرسائل النصية بمعدل 8-23 مرة، كما تظهر دراسات أخرى أن السائقين الذين يستخدمون الهاتف أثناء القيادة يساهمون بعشرة الآف حادث سير في السنة في الولايات المتحدة وحدها مسببين آلاف الوفيات، لقد أصبح الهاتف إدمانا لدى الكثيرين منا، والتخلص منه قد لا يكون بالسهولة التي نظن، لكنني على يقين بأنه وبإدخال بعض الإجراءات الاحترازية سنكون قادرين على هزيمة هذا السلوك القاتل، والأمر لا يتطلب سوى قليل من التخطيط قبل الجلوس خلف مقود السيارة، كإجراء كل المكالمات قبل التحرك، أو أن تضع الهاتف بعيدا عن متناول يدك، بالنسبة لي أضعه دائما في حقيبة يدي التي بت أضعها في المقعد الخلفي حتى لا تسول لي نفسي الرد على المكالمة، لقد قمنا من خلال الحملة بصياغة تعهد بعدم استخدام الهاتف أثناء القيادة وزعناه على مستخدمي الطريق، وعلى الرغم من أن هذا التعهد لا يحمل أي التزام من أي نوع، لكن وجدنا أنه ساهم في تذكير الشخص الذي وقع التعهد بالتزامه الأخلاقي تجاه الآخرين، دعوتي لك من خلال هذا المقال أن توقع التعهد اليوم، ولا تجعل نفسك مسئولا عن خسارة شخص آخر لحياته
If a man for whatever reason has the opportunity to lead an extraordinary life, he has no right to keep it to himself. (Jacques-Yves Cousteau)
01/07/2012
المحادثة القاتلة
عندما عرضت عليّ المهندسة سهيلة الكندية مشاركتها في حملة للتوعية بخطورة استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة لم أتردد لحظة، فأنا كغالبية العمانيين سئمت من رؤية أرقام إحصائيات شرطة عمان السلطانية عن ضحايا الحوادث في شوارعنا، التي وصلت إلى أرقام مفزعة، ومما يزيد الطين بلة كما تقول الحكمة الدارجة أن غالبية ضحايا الحوادث المرورية هم من الشاب، أي ثروة عمان البشرية التي صرفت عليها الدولة من موازنتها مبالغ طائلة من تعليم ورعاية صحية، ووضعت الأسر فيهم أملها كله، وما أن حان موعد قطف ثمار هذا الاستثمار حتى جاءت الحوادث لتحصد ثمار ما زرعنا وفي غمضة عين، وعلى الرغم من أنه لا يوجد في بيانات شرطة عمان السلطانية مما يدل على مساهمة الهواتف النقالة في زيادة معدلات الحوادث في الطرق العمانية، إلا أن هناك ما يكفي من الإحصائيات والمؤشرات العالمية التي تدل على أن استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة ساهم بشكل كبير في زيادة حوادث السير عالميا، وهذا ما دفعنا إلى التركيز على هذا الموضوع في حملتنا التوعوية التي نهدف من خلالها إلى لفت الانتباه إلى خطورة استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة، لذا جاء شعار حملتنا (قيادتي آمنة بلا هاتف)، لنلقي الضوء على هذه الظاهرة القاتلة، وتأتي خطورة استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة من حقيقية أن استخدام الهاتف أثناء القيادة يتطلب من العقل البشري القيام بعدة وظائف في وقت واحد، وهو أمر من الصعب القيام به بذات التركيز والكفاءة في الأداء، وعلى الرغم من أن الكثيرين ينصحون باستخدام السماعات لكن الدراسات تشير إلى أن استخدام أية وسائل غير يدوية ليست ذات جدوى في الحقيقية، ذلك أن ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن معالجة المعلومات التي يستقبلها عن طريق حاسة البصر أثناء حركة السيارة تقل قدرته بنسبة 37% في استقبال ومعالجة هذه المعلومات في حال انشغال السائق بالمحادثة الهاتفية، مما يعني أن المحادثة ذاتها وليس الجهاز مسؤولا عن الحوادث، والمشكلة الكبرى هو أن الأجهزة الذكية التي غزت الأسواق مؤخرا رفعت معدل استخدام الهاتف لأغراض غير المحادثات ككتابة الرسائل النصية والدردشة وتصفح الإنترنت، وهو الأمر الأكثر خطورة خاصة وأن كتابة الرسائل النصية باتت هي الوسيلة الأكثر شيوعا واستخداما في التواصل بالنسبة لغالبية الناس، حيث يرسل المراهق الأمريكي على سبيل المثال في المتوسط 3000 رسالة نصية شهريا وفقا لإحصائيات هيئة الطرق الأمريكية، أي اكثر من ست رسائل في كل ساعة من الوقت الذي يكونون فيه مستيقظين، وتأتي خطورة هذه الوسيلة في أن السائق يحتاج إلى استخدام يده وعينيه وعقله في الوقت ذاته، فكتابة رسالة نصية واحدة تتطلب قيام السائق بإبعاد نظره عن الشارع لمدة 4.6 ثانية، مدة كافية لقطع مسافة تساوي ملعب كرة قدم بسرعة 55 ميلا عرضا وطولا، فكر معي ما يمكن أن يحدث وأنت تقود السيارة مغمض العينين هذه المسافة كلها، ما الذي يمكنك أن يصادفك خلال تلك المدة، وهل ستكون قادرا على التصرف بذات الكفاءة التي كنت ستتصرف بها وأنت في حالة يقظة تامة، بالطبع لا ذلك أن ردة فعلك تكون بطيئة في هذه الحالة، مما يجعلك تفقد الانتباه لأي جسم متحرك أمامك، وقد تفشل حتى في رؤية الأجسام الثابتة بما في ذلك الإشارات المرورية والإشارات الضوئية، حيث تشير الدراسات إلى أن السائق يعجز عن استقبال 50% من المعلومات عن البيئة المحيطة به أثناء استخدامه للهاتف أثناء القيادة، وتزيد فرصة الحوادث المرورية نتيجة كتابة الرسائل النصية بمعدل 8-23 مرة، كما تظهر دراسات أخرى أن السائقين الذين يستخدمون الهاتف أثناء القيادة يساهمون بعشرة الآف حادث سير في السنة في الولايات المتحدة وحدها مسببين آلاف الوفيات، لقد أصبح الهاتف إدمانا لدى الكثيرين منا، والتخلص منه قد لا يكون بالسهولة التي نظن، لكنني على يقين بأنه وبإدخال بعض الإجراءات الاحترازية سنكون قادرين على هزيمة هذا السلوك القاتل، والأمر لا يتطلب سوى قليل من التخطيط قبل الجلوس خلف مقود السيارة، كإجراء كل المكالمات قبل التحرك، أو أن تضع الهاتف بعيدا عن متناول يدك، بالنسبة لي أضعه دائما في حقيبة يدي التي بت أضعها في المقعد الخلفي حتى لا تسول لي نفسي الرد على المكالمة، لقد قمنا من خلال الحملة بصياغة تعهد بعدم استخدام الهاتف أثناء القيادة وزعناه على مستخدمي الطريق، وعلى الرغم من أن هذا التعهد لا يحمل أي التزام من أي نوع، لكن وجدنا أنه ساهم في تذكير الشخص الذي وقع التعهد بالتزامه الأخلاقي تجاه الآخرين، دعوتي لك من خلال هذا المقال أن توقع التعهد اليوم، ولا تجعل نفسك مسئولا عن خسارة شخص آخر لحياته
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليقان (2):
سلام عليكم..
مؤسف حقاً ، ان لا نؤطر المتعة بزمان ومكان محدد ، فالله حدد حدد اوقاتاً لعبادته فكيف لا نؤطر متع الحياة لأجل ان نحيا ..
مشكلتنا هذي أخي علي، استخدمنا للتقنية الحديثة استخدام سيء
إرسال تعليق