خدمة عملاء؟!

بعد أسبوع من عودتي من قبرص وصلتني رسالة من إدارة فندق هيلتون قبرص الذي اخترته مقرا لإقامتي، الرسالة تتضمن تعبئة استبيان عن خدمات الفندق، رد فعلي طبعا كان حذف الرسالة مباشرة محدثة نفسي بأن لاوقت لدي لتعبئة استبيانات عقيمة لا جدوى منها ولن يكلف أحد نفسه عناء قرائتها اصلا، بعد ثلاثة ايام وصلتني رسالة أخرى مضمونها، عزيزتي حمده: أرسلنا لك قبل ثلاثة ايام طلبا لتعبئة استبيان حول تجربة إقامتك في أحد الفنادق التابعة لشركة هيلتون، لعلك لم تجدي الوقت لتعبئته، وددت فقط تذكيرك بالاستبيان الذي أعدك بألا يأخذ أكثر من دقيقتين اثنتين من وقتك، و اعدك ايضا بان ملاحظاتك ستجد إهتماما من إدارة الفندق(، شعرت بالحرج من لطف الرسالة خاصة و أنها وجهت لي بالاسم، فقمت بتعبئة الاستبيان بامتعاض، للأمانة كانت تجربتي في الفندق جميلة و على الرغم من أن وصولنا كان في نفس وقت وصول وفود أخرى إلا ان استلام الغرفة لم يتطلب مني أكثر من دقائق، و حتى عندما طلبت مهلة تتعدى الوقت المصرح به عادة لتسليم الغرفة بسبب ظروف إقلاع الطائرة لم يتردد الفندق من إعطائي تلك المهلة، لذا لم أجد ما يدعو لمنح تقييم منخفض لاي من النقاط الواردة في الاستبيان، لكنني لم أشاء ان أعطي تقييم مرتفع لكل الأسئلة فخفضت في تقيمي لوجبة الافطار التي لم أعتقد بأنها كانت متنوعة بما يكفي، اليوم التالي وصلتني رسالة ثالثة من مدير الفندق معنونة ايضا باسمي تشكرني فيها على تعبئتي للنموذج و معتذرا بشدة عن كون الافطار لم يحز على رضاي واعدا بأن يتم النظر فيه و موافاتي بما ستتوصل إليه الادارة في شأن قائمة الافطار، مؤكدا في لوقت ذاته بأن اي عنصر كانت نتيجته أقل من 8 قد تم تحويله إلى الادارة المعنية، من الأشياء الجميلة التي شدت انتباهي في هيلتون قبرص ايضا عبارة جميلة وضعت في بطاقة صغيرة على المخدة في اليوم الأخير لزيارتي  مفادها: ايها الضيف الكريم إننا في سلسلة فنادق هيلتون نسعى إلى توفير كل وسائل الراحة لك خلال إقامتك، من اجل ذلك نهتم كثيرا بموظفينا لأنهم الأداة التي تقدم لك الخدمة، فإذا وجدت بأن أحد الموظفين قد بذل مجهودا إضافيا لجعل إقامتك أكثر راحة فإننا نود معرفة ذلك لنتولى مكافأة الموظف و شكره نيابة عنك، رجاء أكتب اسمه هنا و سلم البطاقة لموظف الاستقبال..

في رحلة العودة إلى عمان و عندما وصلنا المطار أخطرنا من قبل المضيفة الأرضية لطيران الامارات بان الطائرة ستتاخر عن موعدها بسبب الاضرابات الحاصلة في اليونان في تلك الفترة ، بعد نصف ساعة من وصولي لقاعة الانتظار جائتني لتطمئن إلى أن كل شي على ما يرام، بعد ساعة جائتني مرة أخرى تخطرني باسلوب مهذب بأن الطائرة ستتأخر لساعة أخرى، كنت قد أمضيت أكثر من سبع ساعات في المطار لذا كانت فكرة الانتظار مدة أطول غير واردة ابدا في ذهني، لكنني وجدتني أشكر المضيفة باسلوب مهذب و الانغماس في القراءة، فقد كانت في غاية اللطف بحيث أنها لم تدع لي مجالا للاستياء، عندما وصلنا مطار دبي كانت الطائرة التي ستقلنا إلى مسقط قد أقلعت، ولم يكن هناك بد من الانتظار في دبي حتى المساء، لكننا كنا غير مستعدين البتة لقضاء يوم إضافي بعيدة عن اسرنا، التي كان أفرادها ينتظرون بقلق وصولنا، فوصلنا رغبتنا تلك لموظفي طيران الامارات الذين قاموا على الفور بحجز مقاعد على اول طائرة تابعة للطيران العماني والتي صادف إقلاعها بعد ساعة من وصلنا لمطار دبي، و بسرعة أذهلتني فعلا!

لم تكن قبرض أجمل البلدان التي زرت بكل تأكيد، لكنني حتما سأذكر هذه الرحلة بسبب الخدمة التي قدمت لي خلال الزيارة، كما اذكر رحلات اخرى إلى دول هي الأجمل على الاطلاق، لكن ظروف السفر و الخدمة التي وجدتها أفسدت علي متعة الرحلة، فجودة او نوعية الخدمة في غاية الأهمية بالنسبة للزبون او العميل، أكثر أهمية بكثير من الخدمة ذاتها او المنتج الذي سيشتريه، و كثير من ألأحيان يلجأ البعض إلى ارتياد ذات المكان سواء كان فندقا او مطعما او محل تجاري بسبب المعاملة التي يحظى بها، لذا فإ الكثير من المؤسسات الكبرى تولي عناية خاصة جدا بهذا الجانب، لأنها تدرك بأن الاحتفاظ بزبون قديم و ضمان زيارته في المستقبل افضل بكثير و اقل كلفة من استقطاب زبون جديد، بعض الشعوب تجيد هذا الفن أكثر من غيرها و أظن بأن الثقافة السائدة تلعب دورا أساسيا في ذلك، وهو ما تجيد استخدامه بعض الشركات بذكاء في توظيفها لموظفيها في الواجهة ممن عليهم التواصل الدائم مع الزبائن، لأن الانطباع الأول كما يقال يبقى للأبد، بالتالي الانطباع الذي تتركه الزيارة الأولى لأي مؤسسة كفيل بأن يكسب الشركة زبونا جديدا أو العكس..