22‏/04‏/2012

استخدامات غير ذكية لهواتفنا الذكية

كنت أهم بكتابة موضوع عن البلاك بيري إثر اعلان وضعته في تحديث الحالة الخاصة بي عن قرار العودة إلى هاتفي القديم، عندما حملت لي قائمة القراءة في مدونتي هذا الموضوع لمدونة صديقة، استميحكم عذرا في عرضها هنا ذلك أنني شعرت بأنها تتحدث بلساني في تلك اللحظة بالذات، فقبل شهرين لا أكثر وتحت ضغط من أفراد أسرتي وبعض الأصدقاء في اقتناء بلاك بيري حتى أتمكن من التواصل معهم ذلك أن جميع أفراد الأسرة تقريبًا وعددا لا بأس به من الأصدقاء يمتلكون هذا الجهاز السحري، اشتريته مؤملة نفسي بتواصل إنساني رائع مع أسرتي التي تبعدني عنها مئات الكيلومترات، اليوم الأول وصلتني العديد من الرسائل المهنئة على الهاتف الجديد، ومرحبة بي عضوًا في قائمة الأصدقاء، شعرت بسعادة بالغة بتلك الرسائل وحمدت ربي على ذلك القرار الحكيم الذي اتخذته، مر اليوم الثاني وتليه يوم واليوم أكمل شهرين على شرائي للجهاز دون أن يحمل لي رسالة شخصية واحدة تشعرني بأن المرسل قصدني أنا بتلك الرسالة، عوضًا عن ذلك كنت أستلم عشرات الرسائل يوميًا جميعها معادة الإرسال وأكاد أجزم بأن المرسل لم يقرأها أصلا؛ لأن بعض هذه الرسائل تنم عن عدم ذوق رغم انني أعرف بأن المرسل لو قرأها ما كان ليسمح لنفسه بأن يكمل قراءتها، شيئًا فشيئًا تحولت هذه الرسائل إلى مصدر إزعاج وألم بالنسبة لي فقد كنت أفتح الرسائل ابحث عن رسالة موجه لي أنا، يسأل صاحبها عن حالي أو يطمئن على أخباري، رغم ان الجميع يدرك بأنني في حاجة ماسة هذه الأيام لذلك أكثر من أي وقت مضى، فأشعر بخيبة أمل شديدة عندما لا أجد إلا برودكاست، لقد فقد التواصل معناه الجميل بظهور هذه الأجهزة التي لو أدرك مخترعها كيف سيتم استخدامها ما اخترعها، ولا يقتصر الأمر للأسف الشديد على برامج المحادثات هذه بل على جميع التقنيات الحديثة التي أعتبرها شخصيًا من أجمل اختراعات العصر لما فيها من فائدة عظيمة في تسيير أمورنا وتخفيف أعبائنا وتنظيم حياتنا، ووضع العالم كله بين ايدينا، لكننا وعلى الرغم من أننا نصرف أموال طائلة على هذه الأجهزة باهظة الثمن بطبيعتها إلا أننا لا نستخدمها إلا في إزعاج الاخرين وإهدار أوقاتنا وأوقاتهم، وإهدار أموال كان ممكن أن تستخدم في مكان آخر خاصة وأن النزعة الاستهلاكية في بلداننا في تزايد كبير، اترككم مع ما كتبت المدونة فتاة الخواطر: (أسعدتني ردود أفعال أحبتي في لستة البلاك بيري هذا المساء عندما أرسلت لهم دعاءً لكل منهم بشكل خاص، تعويضاً عن تقصير في التواصل معهم دائماً، لم أكن أدرك بأن اختلاف اللون من البنفسجي إلى الأسود قد يعطيني هذا الكم الهائل من ابتسامات تخيلتها مرسومة أمامي من ردود أفعالهم حال قراءتهم لتلك الرسالة، خنقتي عبراتي، وقفت طويلا أتفكر في حالنا كيف أصبح اليوم، الكل منا منشغل في حياته الخاصة، لم نعد نسأل عن بعضنا البعض، فقدنا تلك الرفقة التي كنا نتواصل دائماً معها، يسعدنا سؤالهم عنا، حديثهم إلينا، زياراتهم وأن كانت على فترة بعيدة جداً ولكنها تحمل في طياتها كما هائلا من الحب، كم نفتقد إلى الحب الصادق في زمننا هذا، نفتقد الأصدقاء، حتى أخوتنا وجيراننا، الكل في عالم آخر وكأن لا أحد يسكن الكون سواه الا من رحم ربي، عندما أجول في أرشفة ذاكرتي أنفض أكوام الغبار عن تلك الذكريات الجميلة، أرى كم فقدنا أناسا مازالوا على قيد الحياة، لم تعد تربطنا بهم سوى مسميات كالقرابة أو الصداقة ولا شيء آخر، افتقدهم كثيراً، أحن كثيراً إلى جمعاتنا، إلى اللقاءات، إلى سؤال أحدنا عن الآخر فقط لأنه أشتاق إليه، صرنا نحيا في عالم ألكتروني أنسانا الكثير من روح الحياة التي كنا نحياها قبل أعوام قليله، عندما يُعاتبني أحد أحبتي عن عدم سؤالي، وعن قلة حديثي معه على البلاك بيري أو حتى على الواتس آب، اتسأل ما هي تلك الأحاديث التي ستجمعُني بك يا تُرى؟! أي سؤال يجب أن أسألك أياه كي أعرف ما جديدك؟ ما هي تطورات حياتك، ماذا فعلت في الأيام القليلة والأسابيع القليلة التي ابتعدنا فيها عن بعض، ولا أشعر بأهمية السؤال فكل أسرارك باتت علانية لجميع الناس، كل تفاصيل حياتك حتى الدقيق منها، أراها في تحديثاتك، لم يعُد للسؤال لذة كما السابق، لم أعُد أشتاق إلى الحديث إليك، فأنا أعرف كل أمورك من أول صباحك إلى آخر لحظة بعد أن تضع رأسك على الوسادة آخر المساء! فأي حديث سيجمعنا؟!أشتاق أحبتي فعلاً، أشتاق صُحبتي، أخوتي، وحتى أولئك الذين جمعتني بهم الصُدف، أشتاقهم كما كانوا في السابق ليس كما هم الآن، أشتاق غيابهم، لتُعانق أصابعي أرقام هواتفهم، ليطرب سمعي وينتشي قلبي لأني أشتاق حديثهم، أشتاق أن أعرف مدى قربي من قلبهم، لأخذ منهم أهم الأحداث التي غيرت بعض مجرى حياتهم في بُعدي عنهم!! الا توافقوني الرأي أحبتي؟! الا توافقوني الرأي أيها الناس في كل أرجاء العالم؟! الا تشتاقون إليهم رغم قربهم منكم اليوم بشكل أكبر؟

هناك 8 تعليقات:

غير معرف يقول...

أشتاق كثيرا للتواصل الشخصي الجميل مع من حولي

Entrümpelung يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
Entrümpelung يقول...

مدونة مميزة ... بموضوعاتها المتنوعة :)

ليـل منصـور يقول...

أوافقك الرأي نقطة نقطة ، و لا خلاف على ما قلتِ . . وكأنك ترجمت ما كان يدور في فكري بالأمس .. فعلاً منذ اقتنائي للبلاك بيري وأنا أشعر بأن الأحبة قريبين على بعد بعيدين على قرب ! .. قررت ، أن أرسل في كل يوم بالأسود بكل شخص عبارات بسيطة ، تعزز قيمة التواصل و تُعيد للجهاز قيمته و ربّما سأرسل ( برودكاست ) هذا المساء عن الموضوع الذي أثرتِه ، لأنك على حق و لأنه واقع نلامسه و حال مؤسف .. شكراً لأنك تجرّأتِ على الحديث في هذا الموضوع !


/ ملاك

Unknown يقول...

البلاكبيري اختراع رائع و جميل جدا، لكننا من نسيء استخدامه للأسف الشديد، الاخرون ينتظرون كلمة تخصهم هم، هم المعنيوني بها، لا كلام نردده كالببغاوات

شكرا على المرور حبيبتي

Übersiedlung يقول...

موفقيييييييييييييين

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
المفارقة ان رغم التواصل عبر الوسائل الحديثة إلا انه لا يغني عن اللقاء، لان المواجهة وجهاً لوجه اكثر حميمية لاعتبار تدخل ملامح الوجة وطريقة التعبير وكذلك طريقة الجلسة والمكان في إظهار الحالة النفسية لمن نحدث .
وللاسف اصبحت وسائل الاتصال الحديثة مصدر إزعاج وتبادل افكار شاذة عن البيئة وتبنيها دون تدقيق ، بل يمكن القول احد اسباب تفكك الاسرة الواحدة إجتماعياً ، فنادراً ما يدور حديث بين ابناء الاسرة الواحدة كل لاهي في جهازه ، سوء الاستخدام هو السبب.
حتى يإذن الله بتواصل اخر كونوا بخير

Unknown يقول...

اتفق معك أخي علي في أنه تحول إلى إدمان يشغلنا عن التواصل الفعال حتى في حدود الأسرة