يشتكي البعض من أنهم لا يملكون الوقت الكافي للقراءة، رغم أهميتها المتزايدة في زمن سريع التغير، و في وقت أصبح نجاح الفرد يقاس بمدى مواكبته للتطورات التي تجري من حوله، وقد قال أحد الحكماء : إن من لا يقرأ لا يختلف كثيرا عن الأمي الذي يجهل القراءة، فالقراءة غذاء العقل والروح معا، والعقل البشري حاله حال أي عضو في جسد الإنسان يزداد قوة ومرونة بالاستخدام المستمر و التمرين.
و الجميل أننا في زمن لم تعد الكتب هي الوسيلة الوحيدة لتحصيل المعارف فهناك اليوم الراديو، و التلفاز، والحاسب الآلي، لكن غالبية الناس تستخدم هذه الوسائل للمتعة و التسلية بسماع الأغاني و البرامج الترفيهية، خاصة في السيارة التي ووفقا لبعض الإحصائيات فإن الفرد يقضي فيها مابين 500 إلى 1200 ساعة سنويا، هذه الساعات بإمكان الفرد الاستفادة منها بتثقيف نفسه من خلال الكتب المقروءة التي أعدها شخصيا من أجمل اكتشافاتي، فغالبية الكتب المنشورة اليوم تصدر معها نسخة مقروءة، إما بصوت كاتبها أو بصوت آخر، ويمكن شراء هذه الكتب من المكتبات أو تحميلها من الشبكة العالمية إما بدون مقابل أو مقابل مبلغ بسيط، و يمكن بعدها تحميلها على أقراص صلبة ووضعها في السيارة، أحاول شخصيا تنزيل موضوع واحد في الأسبوع بحيث أعيد سماعه أكثر من مرة حتى أستطيع استيعابه، في الغالب أعود للمنزل وألخص ما سمعت بكتابته على الحاسب الآلي، فالكتابة تساعدني على تذكر و استرجاع ما سمعت، وخلال الثلاث سنوات التي اكتشفت فيها هذه الفكرة، تمكنت من الإطلاع على عدد كبير جدا من الموضوعات خاصة تلك المرتبطة بعملي، كإدارة الوقت، ووضع الأهداف، و السيطرة على ضغوط العمل، إلى الغذاء الصحي، و المهارات الإدارية..الخ.
و قد وجد الباحثون في جامعة كاليفورنيا الجنوبية: أن الفرد قد يحصل على ذات المستوى من التحصيل من خلال سماع أشرطة سمعية تعليمية أثناء القيادة تعادل في جودتها ما سيحصل عليه من خلال الدراسة الجامعية، فالمدة التي يقضيها الفرد سنويا في السيارة تعادل فصلين دراسيين في الجامعة، تخيل ذلك، تخيل بأنك تحصل على شهادة جامعية بدون أي جهد يذكر. هذا فضلا عن أن الانشغال بالتركيز على سماع الكتب المقروءة أفادتني شخصيا بكونها تشغلني عن زحمة التفكير في الزحام الذي أصبح ظاهرة هذه الأيام في شوارع مسقط خاصة أثناء الذهاب والعودة للعمل، ولم أعد ألاحظ السائقين المزعجين الذين يعكرون مزاجي كل صباح، والذين وصفهم حمد بن سالم العلوي بسراق الفرص في مقال له نشر في جريدة (الوطن).
هذه دعوة لكل قارئ بأن يحول سيارته إلى جامعة متنقلة دائمة، اتخذ القرار بأن لا تضيع يوماً من عمرك دون تعلم شيئ جديد يجعلك مواكبا للتطورات التي تحدث من حولك في جميع المجالات، والتي إن لم تحاول اللحاق بها ستجد نفسك متخلفا عن الركب، و تضيع عليك كثيراً من فرص الارتقاء بنفسك مهنيا و شخصيا..
|
If a man for whatever reason has the opportunity to lead an extraordinary life, he has no right to keep it to himself. (Jacques-Yves Cousteau)
22/11/2010
سيارتك جامعة متنقلة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 4 تعليقات:
فكرة ملهمة ..
انا احب القراءة عندما اكون مع السائق لكن لم تخطر ببالي هذه الفكرة..
شكرا معطرة بورد..
والله فكرة ومقال اتفق معه 10000%
حيث اصنف نفسي من محبين القراءة
وأملك مكتبة لابأس بها ..
وأحب الاستفادة من الوقت المهدور في بعض الأماكن لكن هذة الفكرة لم تخطر ببالي ابداً
بارك الله بك وتقبلي اطهر التحايا
عناي العيون: شاكرة لك بداية مداخلتك، و أنت ممن أنعم الله عليهم حقا إذا كنت من محبي القراءة، أتمنى فعلا أن تجرب الكتاب المسموع فهو مفيد جدا في مثل هذه الحالات...شخصيا غير هذا الأمر حياتي بشكل لم أحلم بخ مطلقا
تحية طيبة...
ادراج قيم يحمل افكارا مبدعة لعل الكثيرون يطبقونها لغرض الاستفادة والتطوير الذاتي...
دمتي بخير...
إرسال تعليق