مدير لهذا الزمان

هذه القصة حقيقية و شخوصها حقيقيون تماما فقد حدثت في إحدى مؤسساتنا منذ فترة قريبة، حكتها لي صديقتي المقربة التي تعرف شغفي بقصص النجاح و الناجحين، فقد كان هذا الشخص وهو رئيسها المباشر ينتظر مسمى قيادياً متميزاَ في المؤسسة و كذلك كان كل من حوله، فلا يشك فرد في المؤسسة في إخلاص و تفاني و كفاءة هذا الشخص، فضلا عن تأهيله الأكاديمي.    جاء اليوم الموعود، و طلب الشخص من قبل رئيس الوحدة، و جلس الجميع في المكتب حبيسي الأنفاس بانتظار مديرهم المحبوب حتى يأتي إليهم بالبشارة، لم يغب عنهم سوى دقائق قبل أن يعود إليهم وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه، و أشار إليهم بأن يتبعوه إلى مكتبه في اجتماع عاجل، هرع الجميع وراؤه      و جلسوا صامتين وعلى وجه كل منهم ابتسامة بعرض ابتسامة رئيسهم الذي بادرهم قائلا:  نحن مقبلون على مرحلة حاسمة في المؤسسة نحتاج إلى جهد كل واحد فينا و يجب أن تتضافر جهودنا من أجل مستقبل أفضل لهذه المؤسسة ولهذا الوطن لذا علينا تقديم كل الدعم والمساندة للمسئول الجديد فلان الفلاني، صعق كل من في الغرفة وفغروا أفواههم من صدمة الخبر كل هذا والمدير لم تفارق الابتسامة والرضا وجهه، عندما استرد الجميع أنفاسهم بادرهم قائلا: الخيرة في ما اختاره الله تذكروا ذلك جيدا، وقد هيأت نفسي لهذه اللحظة منذ مدة، و كتبت قائمة بايجابيات عدم حصولي على هذا المنصب سواء لي أو للمؤسسة، و قد بت بالفعل مقتنعا و راضيا بهذا القرار قبل أن يصلني، هناك مشاريع شخصية كثيرة أجلتها بسبب انشغالي الدائم بالعمل لا تقل أهمية عن وظيفتي و ربما جاء الأوان لأن أتخذ خطوة ايجابية بشأنها، كما أن الشخص الذي اختارته الإدارة فيه ايجابيات و نقاط قوة بدأ يسردها أمام ذهول الحاضرين. ربما لو قص علي هذه القصة شخص آخر ما كنت سأصدق، فمن الصعب جدا أن يصدق المرء بوجود أناس بهذه القوة وهذا الصدق في أداء المسئولية التي ألقيت على عاتقهم، رغم أنهم كثر في هذه الأرض الطيبة التي يضرب بطيبة أهلها ودماثة أخلاقهم المثل لكن للأسف الشديد باتت السلبيات الأكثر وضوحا      و الأكثر إثارة للاهتمام، في حين يظل أبطال مثل هذا وهم الأجدر بإثارة الاهتمام يعملون في الظل وبصمت، وهؤلاء هم المسئولون الذين نحتاجهم بحق في مرحلة البناء هذه. ترى كم منا كان سيتصرف بهذه الطريقة في موقف مشابه؟