13‏/07‏/2015

هل أنت مستعد فعلا للتقاعد؟


الكثيرون يترقبون بفارغ الصبر صدور قانون التقاعد الموحد ليتحقق به حلم طالما راودهم اسمه (التقاعد)، واضعين نصب أعينهم المعاش التقاعدي (الكبير) وحده، لكن هناك جوانب عديدة للتقاعد، المعاش ليس إلا أحدها، فهناك جوانب غير مادية يغفل الذين يخططون للتقاعد عن أخذها في عين الاعتبار عند التخطيط للتقاعد، فالتقاعد يعني تغييرا من أسلوب حياة منظم إلى آخر غير منظم، من جدول أعمال ثابت إلى آخر مرن، كثيرون ممن يخرجون للتقاعد يشعرون وكأنهم في إجازة طويلة في البداية، لكن ما إن تمر عدة اشهر حتى يدرك المرء منهم بأنها إجازة مفتوحة وأنه لن يعود إلى عمله الذي قضى فيه أكثر من عقدين من عمره، الأمر الذي قد يؤدي إلى الشعور بالقلق والحزن إذ ما غاب عن بال المرء التخطيط بحذر لهذه الجوانب غير المادية من حياة التقاعد، التي يجب التخطيط لها قبل التقاعد بمدة كافية.

ومن أهم وسائل التخطيط للتقاعد هي في تحديد الأسباب التي تدعوك للتقاعد في المقام الأول، وهل هي أسباب واقعية فعلا، أم هي (عذر) للهروب من أمر أكثر أهمية يقلقك، وهل فعلا تحتاج للتقاعد لتعيش الحياة التي تحلم بها، أحد التمارين التي قد تجدها مفيدة في هذا المجال أن تجرب وضع قائمة بعشرة مشاريع تدغدغ أحلامك وتغريك بالتقاعد، وتتوقع أنك ستنفذها في حال تقاعدت من عملك، أمام اي نشاط أو مشروع ضع الوقت الذي تمضيه في ممارسة هذا النشاط حاليا، إذا كنت في الوقت الحالي لا تخصص وقتا لها فما الذي يضمن لك أنك ستفعل إن تقاعدت، لأنها إن كانت بذات الأهمية فلن تستطيع تأجيلها كل هذه السنوات، ذلك أنك ستجد وقتا لعمل الأشياء التي تحب مهما كانت انشغالاتك، بالتالي فقد لايكون هذا سببا مقنعا أو حقيقيا لتتخذ بناء عليه قرار التقاعد

 وإن كنت قد قضيت أكثر من عشرين سنة وعملك هو محور حياتك، فربما من الأهمية بمكان أن تفكر في كيف ستقضي بقية عمرك، وكيف ستستغل هذه الطاقات الكامنة فيك، والخبرات التي تراكمت لديك عبر هذه السنين، والمهارات التي عملت على تنميتها طوال فترة عملك، ما مصيرها بعد التقاعد، حتى لا تجد نفسك وقد وقعت ضحية للملل والفراغ، مع الأخذ في الاعتبار الارتفاع الكبير في متوسط عمر الفرد الذي يعني بأنك ستقضي من عشرين إلى ثلاثين سنة أخرى في مرحلة التقاعد، مما يتوجب التخطيط لها بحذر، ماذا بشأن زوجتك التي قد تكون موظفة هي الأخرى، هل ستتخذ هي أيضا قرارا بالتقاعد معك،هذا موضوع تحتاج لمناقشته معها قبل القدوم عليه بفترة كافية، حتى لا يتحول إلى مصدر لزعزعة استقرار الأسرة، إذ ما فاجأتها به يوما، وفي حال كانت زوجتك كانت تدير شؤون الأسرة طوال فترة وجودك في العمل بالنسبة لأولئك الذين فضلوا ترك أسرهم في الولاية خلفهم فيما عاشوا هم حياة عزوبية اختيارية في العاصمة مسقط، فإن هذا سيشكل تغييرا جذريا على أسلوب حياة جميع أفراد الأسرة، التي ظلت طوال تلك السنين تعيش بنظام وروتين معين، قد تجد بأن حلمك بأن تتقاعد لتسترد دورك كرب اسرة مقيم بعد ان تخليت عنه كل هذه السنين، قرارا غير مرحب به من أفراد أسرتك، خاصة وأن وضعك النفسي والفراغ الذي تعاني منه قد يؤثر على مزاجك مما سينعكس على طريقة تعاملك مع أفراد أسرتك، مما يعني أن عليك أن تفكر جيدا في هذه الخطوة، وتهيئ لها نفسك نفسيا ومعنويا.



خطط لوقت الفراغ بشكل جيد، لدي بعض الأصدقاء طلبوا نقلا ليكونوا بالقرب من أسرهم قبل التقاعد بسنوات قليلة، وشكل ذلك مرحلة انتقالية للتقاعد، لكن النقل قد لايكون خيارا مطروحا لك، وعليك البحث عن خيار آخر، ثم بعد ذلك تأتي الخطط المالية، بحيث تسأل نفسك هل لديك ما يكفي من دخل بعد التقاعد، لأن الكثيرين لم يسعفهم الوقت لادخار ما يكفي لهذه المرحلة، مقتنعين بأنهم يستطيعون العيش على معاش التقاعد وحده، إن كنت من هذه الفئة، وتفكر جديا في التقاعد، فأقل تقدير أن تحاول التخلص من أية ديون أو التزامات مالية قد تشكل عبئا على معاش التقاعد، وتوفر منزلا تستطيع العيش فيه ووسيلة مواصلات، وإن كان لديك متسع من الوقت قبل التفكير للتقاعد فقد تكون الفرصة مواتية للتفكير جديا في التوفير لهذه المرحلة، لأن معاش التقاعد لن يكفي لتعيش به حياة مريحة تستحقها بعد سنوات طويلة من الكفاح، وكلما بدأت التوفير مبكرا كلما استطعت أن تصل لحلمك أسرع، وكلما كان المبلغ الذي ستقتطعه للتوفير أقل، في حين ستضطر إلى اقتطاع مبلغ أكبر اذا كان الوقت الذي يفصلك عن التقاعد قصيرا، المهم أن لا تتخذ قرارا كهذا دون دراسة متأنية، لظروفك، ووضعك المالي، ودون اشراك من ستتأثر حياتهم بقرارك هذا في هذا القرار، وهم عائلتك في المقام الأول.

ليست هناك تعليقات: