شاركت الأسبوع الماضي ضمن احتفالات السلطنة بيوم المرأة العمانية الذي تشرفت باحتضانه هذا العام مسقط راسي البريمي، وقد جاءت مشاركتي كمسيرة لجلسات حوارية حملت عنوان (حوار اليافعين) وهي مبادرة بدأت منذ عدة سنوات لوزارة التنمية الاجتماعية مع وزارة التربية والتعليم، وذلك باختيار مجموعة من الطلبة المجيدين من كافة محافظات السلطنة لمناقشة قضية عامة تمس حياتهم بشكل عام و المجتمع بشكل خاص، وقد جاء موضوع هذا العام لمناقشة موضوع في غاية الأهمية لهذه المرحلة من عمر النهضة المباركة، ألا وهو موضوع المواطنة والعمل التطوعي، من أجل تعزيز فهم اليافعين لهذه المفاهيم و زرع هذه القيم فيهم، كنت للأمانة قد عقدت العزم على عدم بذل جهد في التحضير للموضوع بحكم كونه موضوعا عاما وموضوعا يقع ضمن اهتماماتي والحديث فيه سيكون سهلا للغاية، إلى أن جاءني تحذير من إحدى الأخوات من وزارة التربية والتعليم بعدم الاستهانة بهذه الفئة من المشاركين، فهم كما وصفتهم على درجة عالية جدا من الذكاء والاطلاع، وهم محاورون بارعون، وما أن بدأت الحلقة الحوارية حتى ثبت كلام الأخت عن زملائي الصغار في الحوار، رغم أن المحاور أعطيت لهم من قبل المنظمين قبل ليلة واحدة فقط من بدء الفعالية لصعوبة التواصل مع المحافظات التعليمية للظروف التي كانت تمر بها مدارسنا، إلا أن هذه الفئة اليافعة جاءت وهي في أهبة الاستعداد للنقاش و الحوار الذي كان مذهلا ببساطة، تمنيت فقط لو خصص وقت أكبر لهذا الحوار، لأنني بالفعل كنت مستمتعة حد الذهول، ومعجبة بمستوى التحاور والفهم العميق لمفهوم المواطنة و العمل التطوعي وعلاقتهما ببعض، كان الجميع على درجة عالية جدا من الثقة أدهشتني بحق، فقد كانت لديهم مهارات اتصال عالية بحق، لقد سبق وأن طالبت في عدة مقالات في هذه الصفحة أن يتم الاهتمام بمهارات الاتصال لدى طلاب المدارس حيث باتت هذه المهارة هي المهارة الأهم التي يعتمد عليها نجاحهم المهني بالدرجة الأولى وحياتهم بشكل عام، وأن يفسح لهم المجال للتعبير عن تطلعاتهم و أحلامهم بحرية لأننا شئنا أم أبينا فإن هذا الزمن زمانهم و أنهم الأقدر على التعبير عنه، لقد تم إطلاق الكثير من المسميات عليهم كجيل الإنترنت وجيل الألفية و جيل جوجل تعددت الأسماء والمعنى واحد، فقد سبغ هذا الزمن هذه الفئة من الناشئة بسبغة متميزة عن الأجيال التي سبقته، فهو جيل على درجة عالية جدا من الاطلاع و المعرفة بحكم انفتاحهم على عالم الشبكة العنكبوتيه الواسع الذي لا تحده حدود، بالتالي فإن مقولة (أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة) قد تكون فقدت معناها مع جيل الإنترنت الذي يملك كل الوقت و كل الفضول و كل الإمكانيات التي تتيح له الغوص في عالم المعرفة المتاح بشكل كبير أمامه، وهي إمكانيات ليست متاحة لدى الجيل السابق المحكوم بحجم المسؤوليات ونقص المهارة التقنية، التي تجعله عاجزا عن مواكبة أبنائه في هذا المجال، والمفزع أنهم يدركون ذلك تماما، وقد ظهر ذلك جليا من تعليقاتهم في الحوار ومطالباتهم التي لا استطيع إلا أن أؤكد على مشروعيتها، فقد هالني تعليق أحد اليافعين بأنه سيتطوع في إلقاء المحاضرات في مجال التواصل الفعّال من أجل توعية المعلمين بمهارات التواصل مع التلاميذ، و أظن بأن هذا يسري على فئة كبيرة منا كبالغين ولا يقتصر على المعلمين وحدهم، فمهارة الحوار واحترام عقلية اليافعين تنقصنا بشكل كبير، بدا ذلك جليا لي من انشغال البالغين من حضروا تلك الفعالية عن الإصغاء لمداخلات اليافعين، والتي كان الصغار يظهرون امتعاضهم حولها مرارا وتكرارا بالصمت أحيانا و بنظرات ذات مغزى أحيانا أخرى مطالبين بقليل من الاهتمام لمداخلاتهم، إحدى اليافعات استغلت فترة الاستراحة لتنقل لي مالم يسمح لها وقت الحوار بطرحه من أفكار حول ما يحتاجه جيلها منا نحن البالغين، والذي تمثل بشيء من الاهتمام بمواهبهم و قدراتهم، و فتح المجال لهم لتنميتها وإفادة الوطن بها، خاتمة حوارها معي بعبارة أصابتني بالذهول حقا عندما قالت (نحن لدينا حاكم عظيم بلا شك، لكن لما لا تسمحون لنا بأن نكون شعبا عظيما أيضا يليق بهذا الوطن)، وددت فعلا لو كنت أملك إجابة لسؤال تلك اليافعة حينها، لكنني أدركت بأن علينا أن نكون مربين عظماء قبل أن نطالب أبناءنا بتأدية حق المواطنة، لأنهم يدركونه أكثر منا، ولديهم استعداد فطري لتأديته أفضل بكثير مما نظن، هم بحاجة فقط لأن يمنحوا هذه الفرصة لإثبات قدراتهم، وإلى التوجيه الصحيح و القدوة، وهي مطالب ظهرت بشكل جلي في النقاش وفي التوصيات التي اختتمت بها الندوة، التي أتمنى من كل قلبي أن تحظى بالاهتمام الذي يليق بها.
If a man for whatever reason has the opportunity to lead an extraordinary life, he has no right to keep it to himself. (Jacques-Yves Cousteau)
04/11/2013
من وحي حوار اليافعين
شاركت الأسبوع الماضي ضمن احتفالات السلطنة بيوم المرأة العمانية الذي تشرفت باحتضانه هذا العام مسقط راسي البريمي، وقد جاءت مشاركتي كمسيرة لجلسات حوارية حملت عنوان (حوار اليافعين) وهي مبادرة بدأت منذ عدة سنوات لوزارة التنمية الاجتماعية مع وزارة التربية والتعليم، وذلك باختيار مجموعة من الطلبة المجيدين من كافة محافظات السلطنة لمناقشة قضية عامة تمس حياتهم بشكل عام و المجتمع بشكل خاص، وقد جاء موضوع هذا العام لمناقشة موضوع في غاية الأهمية لهذه المرحلة من عمر النهضة المباركة، ألا وهو موضوع المواطنة والعمل التطوعي، من أجل تعزيز فهم اليافعين لهذه المفاهيم و زرع هذه القيم فيهم، كنت للأمانة قد عقدت العزم على عدم بذل جهد في التحضير للموضوع بحكم كونه موضوعا عاما وموضوعا يقع ضمن اهتماماتي والحديث فيه سيكون سهلا للغاية، إلى أن جاءني تحذير من إحدى الأخوات من وزارة التربية والتعليم بعدم الاستهانة بهذه الفئة من المشاركين، فهم كما وصفتهم على درجة عالية جدا من الذكاء والاطلاع، وهم محاورون بارعون، وما أن بدأت الحلقة الحوارية حتى ثبت كلام الأخت عن زملائي الصغار في الحوار، رغم أن المحاور أعطيت لهم من قبل المنظمين قبل ليلة واحدة فقط من بدء الفعالية لصعوبة التواصل مع المحافظات التعليمية للظروف التي كانت تمر بها مدارسنا، إلا أن هذه الفئة اليافعة جاءت وهي في أهبة الاستعداد للنقاش و الحوار الذي كان مذهلا ببساطة، تمنيت فقط لو خصص وقت أكبر لهذا الحوار، لأنني بالفعل كنت مستمتعة حد الذهول، ومعجبة بمستوى التحاور والفهم العميق لمفهوم المواطنة و العمل التطوعي وعلاقتهما ببعض، كان الجميع على درجة عالية جدا من الثقة أدهشتني بحق، فقد كانت لديهم مهارات اتصال عالية بحق، لقد سبق وأن طالبت في عدة مقالات في هذه الصفحة أن يتم الاهتمام بمهارات الاتصال لدى طلاب المدارس حيث باتت هذه المهارة هي المهارة الأهم التي يعتمد عليها نجاحهم المهني بالدرجة الأولى وحياتهم بشكل عام، وأن يفسح لهم المجال للتعبير عن تطلعاتهم و أحلامهم بحرية لأننا شئنا أم أبينا فإن هذا الزمن زمانهم و أنهم الأقدر على التعبير عنه، لقد تم إطلاق الكثير من المسميات عليهم كجيل الإنترنت وجيل الألفية و جيل جوجل تعددت الأسماء والمعنى واحد، فقد سبغ هذا الزمن هذه الفئة من الناشئة بسبغة متميزة عن الأجيال التي سبقته، فهو جيل على درجة عالية جدا من الاطلاع و المعرفة بحكم انفتاحهم على عالم الشبكة العنكبوتيه الواسع الذي لا تحده حدود، بالتالي فإن مقولة (أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة) قد تكون فقدت معناها مع جيل الإنترنت الذي يملك كل الوقت و كل الفضول و كل الإمكانيات التي تتيح له الغوص في عالم المعرفة المتاح بشكل كبير أمامه، وهي إمكانيات ليست متاحة لدى الجيل السابق المحكوم بحجم المسؤوليات ونقص المهارة التقنية، التي تجعله عاجزا عن مواكبة أبنائه في هذا المجال، والمفزع أنهم يدركون ذلك تماما، وقد ظهر ذلك جليا من تعليقاتهم في الحوار ومطالباتهم التي لا استطيع إلا أن أؤكد على مشروعيتها، فقد هالني تعليق أحد اليافعين بأنه سيتطوع في إلقاء المحاضرات في مجال التواصل الفعّال من أجل توعية المعلمين بمهارات التواصل مع التلاميذ، و أظن بأن هذا يسري على فئة كبيرة منا كبالغين ولا يقتصر على المعلمين وحدهم، فمهارة الحوار واحترام عقلية اليافعين تنقصنا بشكل كبير، بدا ذلك جليا لي من انشغال البالغين من حضروا تلك الفعالية عن الإصغاء لمداخلات اليافعين، والتي كان الصغار يظهرون امتعاضهم حولها مرارا وتكرارا بالصمت أحيانا و بنظرات ذات مغزى أحيانا أخرى مطالبين بقليل من الاهتمام لمداخلاتهم، إحدى اليافعات استغلت فترة الاستراحة لتنقل لي مالم يسمح لها وقت الحوار بطرحه من أفكار حول ما يحتاجه جيلها منا نحن البالغين، والذي تمثل بشيء من الاهتمام بمواهبهم و قدراتهم، و فتح المجال لهم لتنميتها وإفادة الوطن بها، خاتمة حوارها معي بعبارة أصابتني بالذهول حقا عندما قالت (نحن لدينا حاكم عظيم بلا شك، لكن لما لا تسمحون لنا بأن نكون شعبا عظيما أيضا يليق بهذا الوطن)، وددت فعلا لو كنت أملك إجابة لسؤال تلك اليافعة حينها، لكنني أدركت بأن علينا أن نكون مربين عظماء قبل أن نطالب أبناءنا بتأدية حق المواطنة، لأنهم يدركونه أكثر منا، ولديهم استعداد فطري لتأديته أفضل بكثير مما نظن، هم بحاجة فقط لأن يمنحوا هذه الفرصة لإثبات قدراتهم، وإلى التوجيه الصحيح و القدوة، وهي مطالب ظهرت بشكل جلي في النقاش وفي التوصيات التي اختتمت بها الندوة، التي أتمنى من كل قلبي أن تحظى بالاهتمام الذي يليق بها.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق