10‏/02‏/2013

قلب المؤمن دليله

هل لاحظت أيها القارئ الكريم كيف أن بعض الأماكن تصيبك بانقباض في الصدر، وتسبب لك اكتئابا مفاجئا رغم كونك دخلتها وأنت في أفضل حالاتك المعنوية، هل شعرت بالضيق يوما عندما رن هاتفك النقال فقط لتكتشف عندما أجبت على المكالمة بان المتصل شخص أنت لا تستلطفه كثيرا، لعلك تساءلت كثيرا عن تفسير لما يحدث لك، يحدث هذا لكون المشاعر هي مواد محسوسة وهي قابلة للانتقال تماما مثل الصوت والضوء عابرة آلاف الأميال، وهناك عدد من الدراسات التي تؤيد هذه النظرية اليوم التي يفسر أصحابها ظاهرة (عين الحسود) السائدة في معتقدات كثير من الشعوب، بإثبات أنها حقيقة علمية وتفسيرها غاية في البساطة أيضا، ذلك أن الحاسد يحمل بداخله كما من المشاعر السلبية تجاه إنسان ما، يستطيع بقوة التركيز الذهني أن يمنح هذه المشاعر القوة التي تجعلها قادرة على إصابة شخص آخر بالعمى، تماما كما يحدث عندما يمسك المرء بمرآة يوجهها ناحية مصدر الضوء ثم يقوم بتوجيهها نحو قطعة من الشمع، بإمكان هذه الأشعة عالية التركيز أن تذيب تلك الشمع في ثوان معدودة، هكذا هي المشاعر السلبية، وكذلك تستطيع المشاعر الايجابية التي يتميز بها بعض أهل الخير والإيمان أن تشعل المكان بطاقة هائلة من الوئام والسلام الداخلي، ولعله قد مر في حياتك العديد من الأشخاص الذين ما إن يدخلوا الغرفة حتى أثاروا عاصفة من الفرح فيمن حولهم، وحالة من الارتياح تسري في الآخرين دون أن يدركوا مصدرها- يستطيع بعض كبار السن عادة ذلك أكثر من غيرهم- وأحيانا أخرى يدخل شخص آخر ويثير عكس تلك الانفعالات تماما، كل ذلك بسبب تلك المشاعر التي تنتقل عبر الأثير وتملأ الحيز المكاني الذي يكون فيه الشخص، وبمقدار حدة الشعور - سلبا أو إيجابا - أن يحدث التأثير الذي يلمسه الآخرون، هل حدث معك أن تعرضت لحادث نجوت منه بأعجوبة، ولم تخبر به أسرتك، وعندما أقبلت على والدتك، وجدتها تستقبلك بلهفة غير المصدق، واحتضنتك طويلا وعبرت لك عن حالة من الخوف عليك انتابتها فجأة وأيقظتها من نومها فزعة، وأدركت أنت بأن ذلك حدث في اللحظة التي وقع فيها الحادث عليك، إنها حالة الرعب التي شعرت بها في تلك اللحظة وأنت تواجه الموت والتي كانت من الكثافة بحيث أن والدتك شعرت بها معك، قرأت يوما قصة للمفكر الأمريكي واين داير حيث زار قصرا في إحدى الدول الأوروبية وما كاد يدخل المكان ويتجول في ردهاته حتى شعر بأن المبنى يكاد يطبق على أنفاسه ويختنق، فطلب من مرافقه بأن يخرجه من ذلك المكان في الحال، وما ان وجد نفسه في الشارع حتى عاد له هدوء نفسه، فشرح لمرافقه ما قد حدث في المبنى، فما كان من مضيفه الذي كان مدركا لهذه الحقيقية إلا ان أخبره بأن ذلك القصر كان يوما مقرا لتعذيب وقتل النساء اللائي كان الكهنة يتهموهن بالسحر، كثيرون ممن عرفوا الأم تريزا أجمعوا على أن مجرد وجودها في مكان كان كافيا لبعث طاقة ايجابية في المكان يشعر بها الموجودون، شخصيا مررت بالكثير من التجارب التي جعلتني أميل إلى تصديق أن المشاعر لديها القدرة على الانتقال مسافات طويلة، والتأثير على الآخرين سلبا أو إيجابا، اذكر أنني زرت منزلا في مطرح وانتابتني حالة من الذعر لم أعرف لها مصدرا من اللحظة التي جلست فيها في الغرفة، عرفت فيما بعد بأن ذلك المنزل شهد جريمة قتل بشعة لفتاة في مقتبل العمر على يد والدها وأخيها، لاتهام أحدهم لها بجريمة شرف اتضح بعدها أنها كانت بريئة منها، أحيانا كثيرة أستطيع أن أميز الشخص الذي يمشي خلفي دون ان أراه بتتبع الشعور الذي سببته مشيته خلفي، وغالبا ما يصدق حدسي، فقديما قالوا (قلب المؤمن دليله) وهذه حقيقية، فقلبك لو استمعت له سيجنبك الوقوع في كثير من المشاكل التي أنت في غنى عنها، ولعل الأمهات أقدر على تقبل هذه الحقيقة من الرجال لكونهن جربنها مرارا وتكرارا من خلال غريزة الأمومة التي تستطيع المرأة نتيجة لها وهي نائمة أن تدرك أن هناك خطرا محدقا بصغيرها، فتستيقظ فزعة لتجد أن حرارته مرتفعة، أو أنه يكاد يسقط من سريره، فسبحان من خلق لنا هذه المشاعر حارسا امينا

هناك تعليقان (2):

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
(ما من شيئ الا يسبح بحمد ربه لكن لا تفقهون تسبيحه)
حقيقة من من الخلق لا يستشعر ألطاف الله خصوصاً، اذا ما احسن الظن بالله وكان ما يؤمن به يوافق الفطرة الانسانية الحقة، لابد بأن الله مكرمه الله اي كان هذا الانسان.
ما الخصوصية للمؤمن الا لقربه من الله ، كل ما زاد نقاء زاد استشعاراً بما حوله من اماكن واحداث، بل يستنطق الصمت إن صح القول، فلا غرابه اتعرفوا من يمشي خلفكم من وقع اقدامه.
حتى يأذن الله بداع اخر من بداعات قلم كونوا بخير

Unknown يقول...

جعلنا الله و اياكم من القريبين منه سبحانه أخي علي...طاب يومك