نعيش نحن أبناء المحافظات ممن جرتنا لقمة العيش للإقامة في محافظة مسقط حالة غربة طويلة، فعلى الرغم من إقامتنا الطويلة فيها التي تجاوزت عقودا من الزمن للكثيرين، وعلى الرغم من أن غالبيتنا نمتلك منزلا نقيم فيه بشكل دائم، لكن تظل ثلاثة أرباع القلب مرهونة في بلدة خلفناها وراءنا تحمل ذكريات طفولتنا، وتحتضن أحبابنا، لذا لا يكاد عقرب ساعة الثانية من بعد ظهر كل أربعاء يقترب حتى يتأهب كل ما فينا للعودة إلى حيث حضن الوالدة، وعبق نخيل الوالد، وسوالف الجيران، لا يعود أغلبنا للشقة التي استأجرها مقرا ظن أنه سيكون مؤقتا، أو بيتا أوهم نفسه بأنه سيقطنه لفترة زمنية قصيرة، فالحقائب حملت في السيارة قبل أن نغادر مسكننا، فأمثالنا يحسب حتى الدقائق، وعندما تنطلق بنا السيارة في شارع ندرك تماما أن الموت ينتظرنا عند كل منعطف فيه، يعمي الشوق للأهل بصيرتنا ويتغلب على العقل والمنطق، فكم حدثت نفسي قبل أن يبلع سيارتي خط الباطنة المسكون بالموت بأنني لن أسرع هذه المرة، فيأتيني صوت الصغار من أبناء إخوتي وأسبح بخيالي حيث يتلقفني الصغار، وتبتهج بعودتي وجوه الكبار، ترتسم لي ابتسامات إخوتي على المرآة الأمامية، وتظهر لي عيون أمي القلقة على لوحة تحكم السيارة، بدون إرادة مني أجد رجلي اليمنى وقد خالفت تعليمات عقلي وضغطت بشدة على البنزين، قد يستوقفني مشهد شاحنة مقلوبة للحظات، يسكنني الخوف، ويتملكني الحذر، لكن لدقائق معدودة، لأن هناك ما هو أقوى من الخوف يدفعني.
هذه ببساطة هي قصة هذه الحوادث التي تحصد ما يزيد عما تلفظه بطون الأمهات من مواليد سنويا، وكأننا شعب يخشى التكاثر، وبقدر ما نلد بقدر ما نقتل سنويا، في شوارع لم تتعلم من كثرة الدماء التي شربتها، وشباب لا يملكون خيارا سوى إلقاء أرواحهم إليها بشكل أسبوعي في موعد ثابت مع الموت لا يتغير، تكثر المطالبات لنا بأن نكون أكثر حذرا، ويرمى بمطالباتنا بشوارع أكثر أمانا عرض الحائط، ويلقى باللوم على السائق وحده وكأنه من اختار الموت وقتل من يحب بيده، متجاهلين الأسباب الرئيسية الأخرى التي تساهم في تفاقم مشكلة الحوادث في الطرق العمانية، التي تربعت على عرش احدى أكثر الدول قتلا لأبنائها على طرقاتها، تلك الشوارع الضيقة والمزدحمة، التي صممت لتؤدي عدة أغراض في آن واحد: كطرق سريعة عابرة للولايات، ومعبرا للشاحنات، وطرق للخدمات، شوارع تغرق خلال ساعة من زخة مطر خفيفة لغياب قنوات التصريف أو عدم كفايتها إن وجدت، نلقي باللوم على السائق دون أن ننظر للسبب الذي يجعله يقضي سنوات من عمره مسافرا عبر هذه الطرقات وراء لقمة عيش لا بد أن يعيش حالة ترحال دائمة إلى مسقط سعيا وراءها، بعد أن أصبحت مسقط هي العاصمة السياسية والاقتصادية والتجارية في آن واحد، وبهذا أصبحت الوجهة الوحيدة للساعين وراء لقمة العيش، تاركين وراءهم زوجات كتب عليهن العيش مدى الحياة كزوجات (نهاية الأسبوع) وأطفالا أجبروا على الحياة بدون أب في فترة هم أحوج ما يكونون فيها لدور الأب.
ولا يختلف وضع المارة كثيرا عن وضع السائقين ، بسبب الطرق ذات الاستخدامات المتعددة ، التي لم يحسب فيها حساب للمارة، من غياب ممرات عبور المشاة والجسور، التي وإن كانت موجودة في بعض شوارع محافظة مسقط لكنها لا تفي بالغرض بسبب وجودها على مسافات متباعدة، فبين كل جسر وآخر مسافة قد تتجاوز العشرة كيلو مترات في معظم الحالات، وكذلك غياب المواقف المخصصة لسيارات الأجرة التي تتسبب في حوادث مميتة بسبب وقوفها أو دخولها للشارع الرئيسي المفاجئ.
لكل مشكلة تداعيات وأسباب يجب أن يتم النظر إليها معا، أما التركيز على جانب دون آخر فلن يكون أكثر من مسكن مؤقت، ولا يخفى على أحد أن العامل الأساسي لارتفاع حوادث الطرق على المستوى الدولي هو ارتفاع عدد المركبات على الطريق، وطول المسافة التي تقطعها هذه السيارات، مما يفاقم حجم المشكلة عندنا هو غياب وسائل النقل العام ذات الكفاءة والفعالية التي يمكن معها الاستغناء عن استخدام السيارات الخاصة، التي زاد استخدامها بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية وحقيقة أن أغلب مستخدمي الشوارع اليوم هم من الشباب، الذي أتاح لهم ارتفاع مستوى دخل أسرهم تملك سيارة حتى قبل ان يبدأ الواحد منهم العمل، هذا إذا أضفنا العامل الأهم الذي نرى نحن فريق حملة (قيادة آمنه بلا هاتف) أنه ساهم في رفع معدلات الحوادث المميتة على الشوارع العمانية، ألا وهو استخدام الهاتف النقال اثناء القيادة، وحقيقة ان ظهور الهواتف الذكية فاقم من هذه المشكلة لكون الهاتف أصبح اليوم يستخدم لأغراض مختلفة لم يعد اجراء المحادثة الهاتفية اهمها، كالدردشة مع الأصدقاء وتصفح الشبكة العالمية وبرامج التواصل الاجتماعي، وهي أمور لا يتردد السائق المراهق عن القيام بها اثناء القيادة، الأمر الذي يشغله تماما عن التركيز على الشارع، وهو ما تنتج عنه هذه الحوادث المميتة التي نشهدها بشكل يومي
هذه ببساطة هي قصة هذه الحوادث التي تحصد ما يزيد عما تلفظه بطون الأمهات من مواليد سنويا، وكأننا شعب يخشى التكاثر، وبقدر ما نلد بقدر ما نقتل سنويا، في شوارع لم تتعلم من كثرة الدماء التي شربتها، وشباب لا يملكون خيارا سوى إلقاء أرواحهم إليها بشكل أسبوعي في موعد ثابت مع الموت لا يتغير، تكثر المطالبات لنا بأن نكون أكثر حذرا، ويرمى بمطالباتنا بشوارع أكثر أمانا عرض الحائط، ويلقى باللوم على السائق وحده وكأنه من اختار الموت وقتل من يحب بيده، متجاهلين الأسباب الرئيسية الأخرى التي تساهم في تفاقم مشكلة الحوادث في الطرق العمانية، التي تربعت على عرش احدى أكثر الدول قتلا لأبنائها على طرقاتها، تلك الشوارع الضيقة والمزدحمة، التي صممت لتؤدي عدة أغراض في آن واحد: كطرق سريعة عابرة للولايات، ومعبرا للشاحنات، وطرق للخدمات، شوارع تغرق خلال ساعة من زخة مطر خفيفة لغياب قنوات التصريف أو عدم كفايتها إن وجدت، نلقي باللوم على السائق دون أن ننظر للسبب الذي يجعله يقضي سنوات من عمره مسافرا عبر هذه الطرقات وراء لقمة عيش لا بد أن يعيش حالة ترحال دائمة إلى مسقط سعيا وراءها، بعد أن أصبحت مسقط هي العاصمة السياسية والاقتصادية والتجارية في آن واحد، وبهذا أصبحت الوجهة الوحيدة للساعين وراء لقمة العيش، تاركين وراءهم زوجات كتب عليهن العيش مدى الحياة كزوجات (نهاية الأسبوع) وأطفالا أجبروا على الحياة بدون أب في فترة هم أحوج ما يكونون فيها لدور الأب.
ولا يختلف وضع المارة كثيرا عن وضع السائقين ، بسبب الطرق ذات الاستخدامات المتعددة ، التي لم يحسب فيها حساب للمارة، من غياب ممرات عبور المشاة والجسور، التي وإن كانت موجودة في بعض شوارع محافظة مسقط لكنها لا تفي بالغرض بسبب وجودها على مسافات متباعدة، فبين كل جسر وآخر مسافة قد تتجاوز العشرة كيلو مترات في معظم الحالات، وكذلك غياب المواقف المخصصة لسيارات الأجرة التي تتسبب في حوادث مميتة بسبب وقوفها أو دخولها للشارع الرئيسي المفاجئ.
لكل مشكلة تداعيات وأسباب يجب أن يتم النظر إليها معا، أما التركيز على جانب دون آخر فلن يكون أكثر من مسكن مؤقت، ولا يخفى على أحد أن العامل الأساسي لارتفاع حوادث الطرق على المستوى الدولي هو ارتفاع عدد المركبات على الطريق، وطول المسافة التي تقطعها هذه السيارات، مما يفاقم حجم المشكلة عندنا هو غياب وسائل النقل العام ذات الكفاءة والفعالية التي يمكن معها الاستغناء عن استخدام السيارات الخاصة، التي زاد استخدامها بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية وحقيقة أن أغلب مستخدمي الشوارع اليوم هم من الشباب، الذي أتاح لهم ارتفاع مستوى دخل أسرهم تملك سيارة حتى قبل ان يبدأ الواحد منهم العمل، هذا إذا أضفنا العامل الأهم الذي نرى نحن فريق حملة (قيادة آمنه بلا هاتف) أنه ساهم في رفع معدلات الحوادث المميتة على الشوارع العمانية، ألا وهو استخدام الهاتف النقال اثناء القيادة، وحقيقة ان ظهور الهواتف الذكية فاقم من هذه المشكلة لكون الهاتف أصبح اليوم يستخدم لأغراض مختلفة لم يعد اجراء المحادثة الهاتفية اهمها، كالدردشة مع الأصدقاء وتصفح الشبكة العالمية وبرامج التواصل الاجتماعي، وهي أمور لا يتردد السائق المراهق عن القيام بها اثناء القيادة، الأمر الذي يشغله تماما عن التركيز على الشارع، وهو ما تنتج عنه هذه الحوادث المميتة التي نشهدها بشكل يومي
هناك تعليق واحد:
سلام عليكم ..
قضية يعاني منها كل بلد وإن اختلفت التفاصيل ، للاسف لازال العالم العربي يفتقر إلى ثقافة الوعي واهميته، فلا المشرع والمشرف على التنمية الي يجب أن تكون مستدامة ، مدرك اهمية الوعي وواعي لتغير الزمان وتغير احوال الناس.ولا الناس للاسف مدركين نتيجة تصرفاتهم اين ستصل بهم..فالوعي هو الذي لا بد أن لا يغيب عن الوعي .
حتى قراءة اخرى واعيه كما عودتمونا كونوا بخير الوعي..
إرسال تعليق