عند بداية اي اجتماع لأعضاء نادي التوستماسترز يبدأ ضابط الارتباط باستعراض قوانين النادي، التي من ضمنها بأنه يمنع منعا باتا التحدث في المواضيع الثلاثة عنوان هذا المقال في اجتماعات الأعضاء، ومخالفة ذلك تؤدي على الفور إلى إخراج العضو المخالف من عضوية النادي، كنت أعتقد بانني مدركة لسبب ادخال هذه المواضيع في اجتماعات النادي، فنظرة واحدة لتاريخ البشرية كاف لإظهار الآثار المدمرة التي سببتها الخلافات في هذه المصطلحات الثلاثة على البشرية، والكوارث التي تسببت بها وما زالت، والأرواح التي ازهقت تحت مظلة إحدى هذه المصطلحات، لكن حضوري لأول ملتقى وطني للتوستماسترز جعلني أدرك مغزى آخر لا يقل أهمية عن الأول، فمن الوهلة الأولى التي دخلت فيها القاعة التي تحتضن الملتقى في مقر الشركة العمانية للاتصالات، التي استضافت الحدث هذا العام، شعرت بألفة غريبة في المكان ومع الوجوه التي التقتني وكأنها تعرفني منذ سنوات طويلة، الحضور كان من مختلف شرائح المجتمع العماني، عمانيين ووافدين، صغاراً وكبارا، مسلمين من مختلف المذاهب، وهندوس ومسيحيين، طلبة مدارس وموظفين، لكن كل هذه الفوارق ذابت في تلك القاعة، الهوية الوحيدة التي جمعت الحضور هي هويتهم كتوستماستر، حتى الأسماء والقبائل والمناصب والمسميات الوظيفية اختفت، أنت هناك (توستماستر) هذا هو اسمك الذي سيناديك به الجميع، وهذا هو منصبك، وهذا هو هويتك، وكان ذلك درسي الاول الذي تعلمته من تلك الأمسية التي خرجت منها بكم هائل من الدروس والعبر والانطباعات مما، وهو ما يحدث معي منذ اشتراكي في النادي، والذي ظل حلما يراودني منذ سنوات طويلة، لكن للأسف لم تكن فكرة النادي قد دخلت السلطنة بعد، وعندما أدخلت أدخلت ضمن مظلة المؤسسات التي لم تفتح الاشتراك للعامة إلا مؤخرا، فقد كنت مقتنعة بأن برنامج التوستماسترز هو ما أحتاجه فعلا كشخص، وهو ما يحتاجه من حولي لتطوير مهارات (منسية) أو لعلها (سقطت سهوا) من مناهجنا الدراسية، لكنها في غاية الأهمية للنجاح الشخصي قبل المهني، فخلافا لما يظنه البعض بأن التوستماترز هو برنامج علاج للرهبة من مواجهة الجمهور فإن هذه الجزئية تكاد تكون جزءا بسيطا جدا من فكرة البرنامج، الذي يعد برنامجاً متكاملاً لتطوير الذات، وإن كان مؤسس التوستماسترز قد بدأ بهذا الهدف عند تأسيس ناديه الأول، لكن الفكرة تطورت بعد ذلك لتشمل مجموعة من المهارات الحياتية، مما يجعلها برنامجا متكاملا لتطوير الذات وبناء القدرات القائم على التعلم الذاتي من خلال مجموعات الدعم، مهنيا يتعلم التوستماسترز كل المهارات التي يحتاجها كقيادي، بدءا من السكرتارية وما تتضمنه من مهارات الطباعة وجدولة الاجتماعات والأرشفة، إلى المهارات المالية من خلال دور (أمين الصندوق) الذي يتولى حسابات النادي، إلى إدارة الاجتماعات، وكقيادي أيضا يتعلم (التوستماستر) مهارة أجدها شخصيا ذات أهمية قصوى وهي (التغذية المرتدة) وتقييم الاداء، من خلال الممارسة العملية المستمرة، والتي يخرج منها المرء وقد تشرب بهذه الفكرة من خلال مهارات التقييم التي يميز فيها المرء بين تقييم الشخص وتقييم (الأداء) وبالتالي نقل هذه التغذية المرتدة بأسلوب يحفز متلقي التقييم وتشعره بعظمة الانجاز مهما كان صغيرا، فهذه المهارة هي اثمن ما أخذته معي من اجتماعات التوستماسترز كقيادية، فضلا عما يتيحه النادي من تبادل للخبرات وإثراء للمعلومات وتثقيف في مجالات عدة، فمن الكادر الطبي الذي تخرج منه بمعلومات حية عن الأمور التي تمس حياة الفرد، إلى الخبراء في مجالات العمل المختلفة الذين يثرون تجربة العضو، هذه الأمور أراها شخصيا لا تقل أهمية عن مهارات الاتصال التي يهدف إليها أغلب من يشترك في التوستماسترز، والتي بلا شك في غاية الأهمية ليست فقط في المجال المهني الذي أصبحت اهم عوامل النجاح فيه، لكن على المستوى الشخصي أيضا، فالنادي يعلمك فن الاصغاء، الذي هو من المهارات النادرة التي لا نوليها أهمية، رغم ان غيابها هو سبب الكثير من مشاكلنا الشخصية منها والمهنية، وكذلك مهارة التواصل الفعال مع من حولك، واحترام الآخر مهما كان حجم الاختلاف، متجاوزا كما ذكرت في المقدمة أية اختلافات قبلية ودينية ومهنية، مما يسمو بأخلاق المرء ويكسبه الرقي في التعامل، ومع مرور الوقت يكتسب المرء قاعدة عريضة من السلوكيات الايجابية التي يكتسبها عن طريق الاحتكاك المباشر مع الاعضاء متنوعي الخبرات، أو عن طريق مواضيع المحاضرات موضوع الاجتماعات، والتي تتميز بتنوع مواضيعها بتنوع الأعضاء وخبراتهم ومجالاتهم وخلفياتهم الثقافية والحضارية، مما يثري فعلا تجربة العضو، ومما يثلج الصدر أن مؤسساتنا قد بدأت مؤخرا في تبني هذه الفكرة بإدخالها كجزء من برامج تأهيل الكوادر فيها، خاصة المؤسسات الكبيرة التي تمتلك استراتيجية واضحة لإدارة الموارد البشرية، وبعد أن ظل الأمر حكرا على شركات القطاع الخاص الكبيرة، بدأت مجموعة من المؤسسات الحكومية في تبني المنهج في استراتيجية تنمية الموارد البشرية، شخصيا أحلم بيوم دخول التوستماستر في مدارس الثانوية والجامعات لأن احداث فبراير الماضي أظهرت الى اي حد فقدنا لغة الحوار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق