كنت أتصفح الشبكة العالمية منذ أيام، فوقع نظري على مقال شد انتباهي عن مقومات النجاح الوظيفي، و يذكر كاتب المقال خمسة مقومات رئيسية لتحقيق النجاح في العمل، وما شدني في الموضوع هو أن الكاتب أورد الصحة على رأس هذه المقومات، وهذا ما جعلني استرسل في قراءة المقال فالسؤال الذي تبادر إلى ذهني أنذاك ولا بد أنه أثار فضولكم هو علاقة الصحة بالنجاح الوظيفي، لكن تبين لي حقيقة مهمة ألا وهي: أن الصحة هي بالفعل أساس حياتنا، فبدون جسد وعقل ونفس سليمة كيف سيتسنى لنا انجاز المهام الموكلة إلينا، إنها شرط أساسي للنجاح في كل جوانب حياتنا، و في حياتنا الوظيفية بشكل رئيسي، وربما لهذا يأتي الفحص الطبي عند بداية التعيين كشرط أساسي من شروط قبول المرشح للوظيفة، ولا يختلف إذاً النجاح المهني في اشتراطه للصحة عن أي مجال آخر، والمقصود بالصحة طبعا هي الصحة الجسدية و النفسية و الروحية.
و الصحة الجسمية تتطلب غذاءاً صحياً متوازناً، ونشاطاً بدنياً، وتجنب الأمراض والحوادث، و الغذاء الصحي بالذات ما يفتقد إليه الكثيرين من الموظفين العمانيين وبالذات الذكور منهم، لأسباب تأتي في مقدمتها تركز القوى العاملة في محافظة مسقط ، حيث أن معظم الموظفين هم من قاطني المناطق، و الغالبية منهم عزاب يعيشون بعيدا عن أسرهم، وهذا يعني أنهم معتمدون في معيشتهم على المطاعم التي تفتقد وجباتها في معظم الأحيان إلى مقومات الغذاء السليم لاعتمادها على كميات كبيرة من الكربوهيدرات و الزيوت والملح والملونات الصناعية، إضافة إلى عدم التزام هذه المطاعم بالشروط الصحية في إعداد الطعام كالنظافة مثلا، والملاحظ أيضا إكثار الشباب من استهلاك الشاي والقهوة والمشروبات الغازية خلال ساعات العمل، و هو ما يؤدي على المدى الطويل إلى الإصابة بأمراض شتى كالسمنة المفرطة و أمراض السكر وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض التي تنتج في الغالب من أسلوب الحياة الخاطئ القائم على الإفراط في تناول الطعام ذي السعرات الحرارية العالية، إضافة إلى انعدام النشاط البدني خاصة للذين يمارسون المهن المكتبية، ولا يتسع المجال هنا لذكر فوائد الرياضة، لكن من السهل جدا ملاحظتها على الأشخاص الذين يتميزون بنشاط بدني، فهم يبدون أصغر سنا مما هم عليه و أفضل قواما و أوفر نشاطا، كما تساعد الرياضة على التخلص من ضغوطات الحياة اليومية، حيث يتسبب ارتفاع الادرينالين في الدم إلى الإحساس بالنشوة والسعادة، وان كانت غالبية الأبحاث تشير إلى أن الإنسان لا يحتاج إلى ممارسة الرياضة لأكثر من ثلاث مرات في الأسبوع إلا أن تجربتي الشخصية علمتني أن المرء لو لم يدخل الرياضة كروتين يومي في حياته فهو في الغالب لن يمارسها على الإطلاق.
على المرء أيضا أن يحرص على صحته النفسية بالقدر الذي يحرص فيه على بقاء جسده معافى، و ذلك من خلال تجنب تسميم العقل بالأفكار السلبية والنقد غير البناء من الآخرين، وعوضا عن ذلك عليه أن يحتفظ بموقف ايجابي من الحياة، وذلك من خلال إحاطة نفسه بالشخصيات الايجابية والمتفائلة، والابتعاد قدر المستطاع عن الشخصيات السلبية التي لا هم لها سوى تتبع أخطاء و عيوب الآخرين، ومن الوسائل التي أجدها شخصيا مفيدة في إراحة النفس و تجديد النشاط هو التغيير، ولا أقصد بالطبع هنا أن يكون التغيير جذريا، فأي تغيير بسيط كفيل بزرع قليل من النشاط في النفس، كتغيير طريق ذهابك للعمل على سبيل المثال، فمرة مثلا وعوضا عن استخدام الطريق العام من السيب إلى مقر عملي، خرجت قبل موعدي بربع ساعة و سلكت الطريق البحري، وتجنبت القيادة بسرعة في ذلك اليوم كما فتحت نافذة السيارة و سمحت لهواء البحر بالتغلغل في السيارة، لن أصف لكم الشعور الذي تملكني ذلك اليوم و شعلة النشاط الذي زودني بها ذلك التغيير البسيط في يومي، يمكن للمرء أيضا أن يغير في ترتيب المكتب و تنظيف أدراج طاولته، فالمرء منا يقضي أطول وقت في المكتب مقارنة ببيته أو سيارته، لكن قلة من يهتم بنظافة و ترتيب مكتبه مقارنة بسيارته مثلا أو منزله.
الصحة الفكرية لا تقل أهمية، فهي تتيح لك عقلا متقدا وتفكيرا سليما يساعد على الإبداع في العمل، وهذا يتأتى من خلال الاطلاع و تطوير المهارات الوظيفية،
القراءة هي طبعا الوسيلة الأولى للاطلاع، لكن أن لم تكن من محبي القراءة فهذا لا يعني ألا تطلع أبدا، فهناك وسائل عديدة أخرى كالانترنت و مشاهدة البرامج الثقافية في التلفزيون، أو الاستفادة من الكتب المقروءة التي أعدها أجمل اكتشافاتي، لا أعرف مدى توفرها في مكتبات السلطنة لكني أحرص على شرائها خلال سفراتي، ويمكن أيضا تحميل هذه الكتب عن طريق مواقع الكتب المجانية على الانترنت و بجميع اللغات، انسخها على (سي دي) وضعها في سيارتك، بهذا تستفيد من رحلة الذهاب للعمل و العودة في شيء مفيد، والأهم من ذلك لن تتوتر أعصابك إذ ما واجهتك زحمة الطريق حالما تكتشف أنك لا تضيع وقتك بل تستفيد منه في اكتساب معارف جديدة.
هناك 4 تعليقات:
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
غاليتي حمده اشكرك على الدرر المنثورة في هذا المقال .. صدقتي فيما طرحتي .. جزاكِ الله خيراً و جعله في ميزان حسناتك يا رب .. مودتي
شكرا عزيزتي على المرور، وعلى الدعاء الجميل هذا على بداية الصباح، على الأقل انا اقرأ دعائك في الصباح
مرحبا وشكرا على هذه الطرح المهم. تباعا لما ذكر أعلاه أود أن أذكر ان كل شخص يطمح لتحقيق النجاح وخاصة ذاك على الصعيد المهني. وذكر موقع بيت.كوم (Bayt.com) في مقال له بعض النصائح لتحقيق هذا النجاح الذي يؤثر على كل وجه من حياة الفرد. ومن بين هذه النصائح التعلم الدائم والحصول على مرشد وتحسين مهارات التواصل مع الآخرين والتمتع بروح العمل ضمن فريق.
Cy: شكرا جزيلا لك على هذه الاضافة القيمة...
إرسال تعليق