06‏/04‏/2010

لن تستطيع القيام بكل الأعمال وحدك

نشأنا نحن جيل الستينات في مجتمعات مترابطة متلاحمة، كان الناس يقومون بكل الأعمال معا، لم تكن المجتماعات تحتاج إلى حلاقين و بنائين وخياطين،فقد كانوا يقومون بذلك لبعضهم بعضا، فعندما كان يقام عرس في القرية كان الجميع يهب للمساعدة، عندما يود أحدهم أن يبني دارا كان الجميع يبادر بتقديم المساعدة، لذا كان الإنسان منهم يملك الوقت الكاف للتواصل مع من حوله..

لكن جيل اليوم رفع شعار الإستقلالية و الإعتماد المفرط على الذات، و هو إعتماد غير واقعي لأن الانسان مخلوق إجتماعي بطبعه لا يمكن أن يعيش بمعزل عن الآخرين، لا يوجد عمل تستطيع أن تقوم به وحدك دون حاجة للآخرين، انظر حولك إلى أي منتج تستخدمه ستجد أن فريقا كاملا عمل على إنجازه مهما كان حجم المنتج و أهميته، من باحثين، ومصممين، ومهندسين، و موسوقين..الخ.

لكن الفرد منا يتردد في طلب هذه المساعدة اليوم خوفا من الرفض، أو الحكم عليه من الآخرين...او أو أنتم أدرى بهذه الأعذار مني، و إن كنت قد وجدت بأن أغلب الناس في الحقيقة يسعدها أن تساعد الآخرين، بشرط أن تطلب المساعدة بطريقة مناسبة و لائقة، و أن تطلب في الوقت المناسب، و من الشخص المناسب..

فإذا كنت مثلا بحاجة إلى مساعدة من صديق في إعداد دراسة جدوى لمشروع، لا تطلبها من شخص لا يجيد إعداد الدراسات أو مبتدئ فيها، لأنك في هذه الحالة ستحرجه، و من الجائز أن يعتقد أنك تمتحنه

اطلبها من شخص متمرس، و هو سيسر فعلا ان تقدمت بطلب نصيحته فهذا يعزز من ثقته في نفسه، و أغلب الناس تحب أن يرى الناس نجاحها، و أن تتحدث عنه

طريقة الطلب أيضا مهمة، فأنت ان قلت لصديقك الثاني مثلا: أدرك مدى مهارتك في إعداد دراسات الجدوى فقد سمعت بأنك الأفضل، و أنا تنقصني الخبرة و أحتاج فعلا مساعدتك، بالتأكيد لن يألو صديقك هذا جهدا في مساعدتك..

إن لم يستجب لك تلك المرة لا تأخذها بشكل شخصي فقد لا تكون الظروف مناسبة بالنسبة له، قد يكون مشغول فعلا، كرر السؤال في ظروف أخرى يكون الشخص متفرغ، تعلم من الأطفال مهارة السؤال: هل لاحظت كيف يطلب طفلك حاجة يريدها، هل ييأس من رفضك مرة و مرتين وعشر؟ بالطبع لا، و في النهاية ستستسلم حتما و تعطيه ما يريد..

لعل العمانيون منكم ممن شهدوا ما حدث عندما ضرب إعصار جونو الضواحي الساحلية للبلاد، ولاحظتم كيف أن الجميع بغض النظر عن أوضاعهم المادية والإجتماعية و بمختلف الأعمار و العرقيات و الديانات قد هبوا على يد واحده، لإنتشال الغرقى و إنقاذ المحاصرين بالأودية، و نقل المؤن و تنظيف الشوارع و إعادة تأهيل البلاد، لم تكن تلك جهود الحكومة وحدها بل تم إعادة الأوضاع الى وضعها الطبيعي بيد الفراد مواطنين و موقيمين و حتى سياح..

ليست هناك تعليقات: