سعدت جدا بأخي اليوم، و شعرت بالفخر فعلا للخطوة الشجاعة التي اتخذها بتركه لوظيفته المرموقة ذات الدخل العال في المصرف لينتقل لوظيفة أخرى، أعرف بأنه يفكر في هذا الموضوع من مدة طويلة الآن بعد التغيير الأخير الذي حدث معهم في الإدارة، لكن لم أكن حقا اعتقد بأنه قادر على اتخاذ قرار شجاع كهذا، الغريب في الموضوع كما قال لي أنه من عندما خرج من المصرف اكتشف أن الكثيرون من زملائه كانوا يخبئون رسائل استقالاتهم و عروض لوظائف أخرى في طاولاتهم بانتظار اللحظة المناسبة التي تأتيهم فيها الشجاعة لاتخاذ قرار، و هكذا أصبح أخي الصغير في يوم وليلة قدوة لعدد من زملائه في الشجاعة و اتخاذ القرار، سألته مالذي جعله أخيرا يتخذ قراره هذا رغم أني اعرف بأن الوظيفة الجديدة قد عرضت عليه منذ مدة طويلة، أجابني: لقد وصلت إلى مرحلة أصبحت أخير نفسي فيها كل صباح بين الذهاب لعملي أو العودة للسرير وكان السرير دائما هو الفائز، فقررت التخلي عن ، الراتب العالي، والمسمى الوظيفي لصالح قناعاتي و سعادتي، الحمدلله أنه وجد وظيفة أفضل بكثير، و بذات الراتب تقريبا
أعرف أن عددا لابأس به من قرائي سيفتحون أفواههم دهشة عنما يقرأون موضوعي هذا، و يجدوا أنني أتحدث عن صراعهم هم، مع وظيفة لم تعد تشعل الحماس في قلوبهم، أو علاقة يدركون جيدا بأنها تحطم كل شعور جميل فيهم لكنهم لا يجرئون على الانسحاب منها.....الخ
عندي لك سر خطير إن كنت ممن يؤجلون أتخاذ قرارا ما بانتظار اللحظة المناسبة، وهي أن اللحظة المناسبة قد لا تاتي أبدا، و إن أتت فبعد فوات الأوان، لأنك ببساطة لن تعرف أنها كانت اللحظة المناسبة قبل أن تمضي، و يمر عليها وقت، شاهدت الكثيرون ممن حولي إبان الأزمة المالية ينظرون إلى أسعار الأسهم التي وضعوا فيها كل مدخراتهم تهوى بإنتظار اللحظة المناسبة للسهم للصعود إلى ما كان عليه، لكن السهم ظل يهوي و يهوي حتى وصلت بعض الأسهم إلى اقل من سعر الطرح..
كثيرون ممن كان من الممكن أن يربحوا 300% من قيمة أراضيهم ظلوا ينتظرون اللحظة المناسبة حتى هوت أسعار العقارات إلى ما دون النصف بقليل...ولم تأت اللحظة المناسبة
كثيرون أمضوا سنوات ينتظرون اللحظة المناسبة لطلب تلك الوظيفة الشاغرة في مؤسستهم ، و لم تأت تلك اللحظة..
الكثيرون فقدوا حب حياتهم لأنهم لم يجرأوا على طلب يدها في الوقت المناسب فخطفها عريس جاهز، ليظل هو يتحسر مدى الحياة على هذا التسويف.
لكن مالذي يجعل الانسان يتردد هكذا في اتخاذ القرار؟ انه الخوف، الخوف من المجهول، أو الخوف من الفشل، ويخاف من المخاطرة باشياء ذات قيمة، مثل راحة البال و نمط الحياة الذي تعود عليه، و علاقاته مع من يحبـ و الاستقرار المادي، يخاف الرفض.
وهكذا تمضي الحياة على البعض منا، في تعاسة دائمة، و ملل قاتل، رغم أنه لا يفصله عن السعادة إلى اتخاذ قرارا واحدا و خطوة صغيرة......
هناك تعليق واحد:
سلام عليكم..
وهكذا تمضي الحياة على البعض منا، في تعاسة دائمة، و ملل قاتل، رغم أنه لا يفصله عن السعادة إلى اتخاذ قرارا واحدا و خطوة صغيرة..
للاسف هذا حال من تمسك بالوهم على انه المنطق وعلى ان المنطق وهم. إنقلاب في الفهم جراء خوف المواجهة وانتظار الفرصة .
حتى يأذن الله بقراءة واعية اخرى كونوا بخير وعي موفقين
إرسال تعليق