11‏/10‏/2009

كيف اسامح من تسبب لي في كل هذا الألم؟


لابد و أنك رددت على نفسك هذه العبارة مرارا و تكرارا، إذا حاول إنسان ما أن ينصحك بأن تسامح من اساء لك، لأنه بالفعل ليس اصعب على النفس البشرية من الظلم، و قد شربت من كأسه مثلك تماما و أدرك جيدا صعوبة ما أطلبه منك هنا..
لكنني قررت أن أتعامل مع منطق الأشياء، و هداني عقلي إلى التفكير في أن الألم الذي يسببه لي الشعور بالغضب أكثر إيلاما من مسببات الغضب نفسها، فالحقد حتى يحتل حيزا في القلب لابد أن يكون على حساب مشاعر إنسانية سامية، فالإنسان لا يستطيع الشعور بالسعادة في نفس اللحظة التي يشعر فيها بالتعاسة، و هو بالتالي لا يمكن أن يشعر بالحب تجاه من حوله طالما أن الغضب و الحقد يملأن قلبه.
أثبت الطب الحديث أن المشاعر الإنسانية تؤثر سلبا على أعضاء الجسم الداخلية، إذ أن الشعور بالغضب و الحقد يؤدي إلى خلل في التكوين الكيميائي للجسم و عدم توازن في مكونات الخلايا، و بالتالي يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان، و ليس بغريب أن الإنسان في حالة الغضب و عند الإحساس بالظلم تنتابه نوبات أرق لا يستطيع معها النوم، و يعاني من فقدان للشهية، والتعب و قلة التركيز، وقد وجد الباحثون أن مشاعر الحقد و الغضب تسبب نوبات صداع، و قرحة معدة، وحتى نوبات قلبية إذا تمادى الإنسان في الشعور بالغضب و استمر في إستحضار مشاعر الإحساس بالظلم و هو إحساس مؤلم جدا و قاس على النفس البشرية، يعجز الجسد عن تحمله..
و بغض النظر عن التأثير الفسيولجي للغضب على النفس، فإن سجنك وراء جدار من المشاعر السلبية كفيل بتدمير ذاتك، و إعتدادك بنفسك، الإحساس بالمرارة عندما يسيطر عليك يخرج عن سيطرتك و يؤثر على كل علاقاتك الأخرى مع الآخرين.
كل هذا و الشخص الذي أغضبك أو أساء إليك، إما أن يكون قد فعل ذلك بدون قصد و هو بالتالي لا يدرك حجم معاناتك هذه، أو أنه فعلها عن قصد لكنه في هذه اللحظة التي تشعر أنت فيها بكل هذه المرارة ينام هو قرير العين هانئا، أو أنه يستمتع بوقته في جلسة سمر جميلة مع من يحب، في حين تقتل أنت نفسك في اللحظة الواحدة مئات المرات..
الحقد عزيزي قارئ هذه السطور يؤذيك أكثر مما يؤذي من تسبب لك فيه، فتعلم التسامح مع الآخرين ليس من أجلهم هم بل من أجل روحك لتبقى شفافة نقية، تعلم أن تحب من آذاك و تجد له الأعذار، فأنت بهذا تتفوق عليه بحلمك و سمو أخلاقك..
ويقول الشاعر في الحلم:
يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
التسامح يزيدك قوة فوق قوتك، و نبلا فوق نبلك...

هناك تعليقان (2):

أبو عبد الله يقول...

السلام عليكم

أختي الفاضلة

جزاك الله خيرا وجعل ما تكتبين رحمة وأجرا لك ، أنا بحاجة لهذا الموضوع خصوصا سأقوم بطباعته وإرساله إلى زملائي في العمل لأننا بحاجة فعلا لأن نتسامح فهل تأذينن لي بذلك ؟.

احترامي وتقديري لك

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
احمل اخاك على سبعين محمل من الخير...ربما هذا القول النبوي الشريف بداية طريق واضح لأخذ التسامح طريقة حياة ، مع إدراك عزة النفس في التسامح كيف تكون وهي بإسداء النصح للمسيئ والاحسان إليه إن امكن.
حب لأخاك ما تحبه لنفسك..مثل ما تحب ان تسامح اذا ما اخطأت كن متسامحاً بالفعل وتحتاج العملية الى تدريب وتواضع لتجنى الثمرة.
حتى يأذن الله بدرس من دروس الاخلاق والسعادة كونوا بدرسكم مسرورين