مشاركتي الأولى على المستوى الشخصي في فعالية ساعة الأرض كانت فرصة تعليمية أكثر من أي شيء آخر فقد قادني فضولي الصحفي إلى البحث حول الضجة التي تحدث حول العالم في ساعة الأرض تلك، والتساؤل عن مدى جدوى إطفاء الكهرباء لمدة ساعة من بعض الأفراد والمؤسسات المشاركة، إلى أن دخلت على موقع ساعة الأرض على الشبكة العلمية، وبدأت أتتبع مواقع لدول وأفراد كانت لهم مساهمات فيها، تعلمت مما لا شك في تلك الفترة الكثير عن البيئة والطاقة وتأثير ثاني أكسيد الكربون على البيئة من حولي وتأثيره على هذا الكوكب، لكن أكثر من ذلك كمهتمة بالتنمية البشرية فقد أثارني التأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه تصرف صغير يبدر من أحدنا، لم يكن الأمر مجرد توفير طاقة وإنما تغيير في سلوكيات، وزرع ثقافة جديدة لدى الأفراد من حولي، أذكر حينها أنني دعوت أصدقائي على مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة، وهالني العدد الذي بدأ يتواصل معي للاستفسار والسؤال، مظهرا رغبة أكيدة في المشاركة، في اليوم التالي وجدت مجموعة منهم يسجلون تجاربهم مع تطبيق المبادرة، وكما توقعت كان الصغار الأكثر تحمسا للفكرة، وسرعان ما انتشرت الدعوة للمشاركة بينهم بسرعة البرق، بعض الأسر استغلتها فرصة للتواصل الأسري بعيدا عن شاشة التلفاز وأجهزة الحاسب الآلي، فقضت ليلتها في فناء المنزل، وسرعان ما تجمع معهم الجيران والأحباب، بالنسبة لي تفاجأت بزيارة مجموعة من النساء مساء ذلك اليوم، ولكوني التزمت مع الكثيرين ممن وجهت لهم الدعوة للمساهمة في المبادرة، فقد شعرت بأنه من واجبي الالتزام، فاستسمحت ضيفاتي بأن نكمل السهرة في فناء المنزل، وشرحت لهن السبب، وسرعان ما وجدت نفسي ألقي محاضرة حول مسؤولياتنا كأفراد في حماية البيئة كجزء من مسؤوليتنا تجاه هذا الكوكب الذي خلقنا المولى وجعلنا خلفاء فيه، ومن واجبات الخلافة أن نحافظ على موارد الكوكب لأجل الأجيال القادمة، كان تفاعل النساء رائعا، ومن ضمنهن امرأة مسنة استأذنت بالانصراف حتى تحث أبنائها على إغلاق الأجهزة، لأنها هي أيضا رغبت في المساهمة، بعد عدة أشهر التقيت بزوجة ابنها في إحدى المناسبات: ومازحتني قائلة، لقد حولت والدة زوجي لمدافعة شرسة عن البيئة، فقد تحولت إلى حارس لمراقبة استهلاك الأسرة للطاقة، بل إنها استطاعت أن تنقل تأثيرها على صويحباتها، لقد علمتني تلك المرأة المسنة درسا قيّما فعلا، في أن لا نستصغر العمل مهما بدا لنا صغيرا وتافها، فقد أوصلت تأثيرها إلى عدد كبير من الناس حولها، بل إنها استطاعت تغيير سلوك أفراد أسرتها ومحيطها نحو استخدام الطاقة، هي العجوز الأمية، التي لا يتعدى محيط تأثيرها عدة منازل أو عدد بسيط من الأفراد، ترى كيف سيكون تأثير أمثالنا ممن تتسع دائرة تأثيرهم لتشمل هذا الكوكب كله، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أعدها شخصيا من أعظم إنجازات هذا العصر، ومحيط الأفراد من حولنا من زملاء عمل وأصدقاء ومعارف، مع كل ما مَنَّ به المولى علينا من علم واطلاع، ومهارة استخدام التقنية الحديثة التي نستطيع بواسطتها إيجاد المعلومة ونشرها في لحظات، جميعنا مسؤولون بشكل أو بآخر عما يحدث حولنا من تلوث قاتل، واستهلاك مفرط لموارد هذا الكوكب الرائع الذي نعيش فيه، بالتالي قد تكون هذه المبادرة الصغيرة خطوة إيجابية نتخذها للمساهمة في تصحيح الأخطاء التي ارتكبناها في حق الكائنات من حولنا ومن حق الأجيال القادمة، أيا تكن الخطوة البسيطة التي ستتخذها الآن ثق بأنك ستساهم بها في تغيير مفاهيم من حولك عن الطاقة، وحماية البيئة، ستساهم في توفير كم هائل من الطاقة حتى لو كانت مساهمتك في قراءة هذا المقال، وإعادة نشره، أو الدخول على موقع ساعة الأرض، وتوقيع التعهد بإطفاء الأنوار لمدة ساعة كاملة، يمكن أن تأخذ الإعلان الذي صممته مشكورة جمعية حماية البيئة، وتضعه في ملفك الشخصي في وسائل التواصل الاجتماعي، لتصل الكلمة إلى أكبر قدر ممكن من الناس، ومع كل إضاءة ستطفأ تلك الساعة سيكون لك جزء من المساهمة، علما أن ساعة الأرض ستكون هذا العام في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم السبت الموافق التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وستكون هناك احتفالية في تلك الساعة في مجمع الموج، لقد تم توفير 69500 كيلو واط من الكهرباء في السلطنة العام الماضي خلال ساعة واحدة، وتهدف الجمعية إلى رفعها إلى 90 ألف كيلوواط وهي كمية تكفي لإضاءة منطقة الخوير بالكامل لمدة ساعة، وكذلك نشر الوعي بأهمية توفير الطاقة، التي تستهلك جزءا كبيرا من موازنة الدولة، نحن أحوج لها في تمويل المشروعات التنموية التي تعود بالفائدة على مجتمعنا، فقد بلغ الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء وحده في نهاية عام 2012 ما يقارب الـ99 مليون ريال عماني، مبلغ ضخم بكل المقاييس خاصة إذا ما علمنا أن جزءا كبيرا من الطاقة المدعومة تضيع سدى من سوء الاستهلاك، فهلا تعهدت؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق