لا شك أن التغيير سنة كونية فكل ما حولنا يتغير بشكل دائم من تعاقب الليل والنهار إلى تجدد خلايا أجسادنا وتساقط أوراق الأشجار، والتجديد والتغيير ظاهرة صحية تعيد تجدد الحياة وتساعد على استمرارها، ونحن كبشر جبلنا على النمو والتطور، وإن لم نشعر يوما بأننا نحرز تقدما نصاب بالإحباط والملل والروتين، لكن البعض يمكن أن يستسلم للبقاء مكانك سر خاصة هواة التسويف منا، والذي يشعرك بأن كل مشاريعه مخزنة (للغد)، الغد الذي يكتشف بعد فوات الأوان بأنه لن يأتي أبدا لأن الغد الذي ينتظره سيتحول إلى اليوم ويقفز الغد المنتظر لليوم الذي يليه وهكذا، ورغم ذلك فإن الكثيرين يقضون حياتهم بانتظار ذلك الغد، لكن تلك الحاجة للنمو والتطور الفطرية إن لم يتم إشباعها تتحول الحياة إلى بئر مظلمة من الكآبة والوحشة والضجر، في كتابة الرائع (الأول أولا) يطرح ستيفن كوفي على القارئ مجموعة من الأسئلة التي وجدت شخصيا أنها ممكن أن تؤسس لخطة تغيير متكاملة، خاصة ونحن نطوي صفحة عام ونفتح صفحة عام جديد لأولئك الذين يبحثون عن خطط للتطوير والتجديد في حياتهم، ما يميز منهج كوفي هو أنه لا يغفل جانبا من جوانب حياة الإنسان الأساسية والاحتياجات المرتبطة بها، مما يوجد نوعا من التوازن في الحياة، ذلك أن الإنسان هو روح وعقل وجسد لابد من إشباع احتياجات كل جانب منها ليشعر الإنسان بالرضا والسعادة، ويمكن أيضا أن تكون هذه الأسئلة مدخلا لوضع أهداف العام الجديد، ومن الأسئلة التي من المهم طرحها بين حين وآخر: هل تتمتع بطاقة ولياقة بدنية تجعلك في قمة نشاطك طوال اليوم أم أن هناك أمورا تود القيام بها لكن لا طاقة لديك لإنجازها، بسبب الخمول والمرض أو عدم اللياقة نتيجة وزن زائد على سبيل المثال، هل أنت في وضع مادي جيد يتيح لك لقاء التزاماتك المادية واحتياجاتك ومع ذلك لديك ما يكفي من الموارد لمواجهة أي طارئ، أم أنك غارق في الديون، وتعمل ليل نهار وبالكاد تغطي التزاماتك الضرورية جدا، ماذا بشان علاقاتك، هل تتمتع بعلاقات طيبة مع من حولك على الدوام، هل تستطيع العمل مع الآخرين من أجل تحقيق أهداف المؤسسة وبروح الفريق الواحد، أم يراودك شعور دائم بالعزلة والوحدة، وتجد صعوبة في الاحتفاظ بعلاقات إيجابية مع من حولك، وتعيش على الدوام تحديات بسبب سوء التفاهم والغيبة والنميمة والنفاق واللوم والعتاب الدائم، وهل تشعر بأنك تنمو وتتطور على الدوام، وتعمل على اكتساب مهارات ومعارف جديدة على الدوام، أم انك تشعر بأنك مكانك سر في عملك لأنك لا تملك المؤهل والخبرة التي يحتاجها الصعود في السلم المهني، هل لديك حس المسؤولية، ولديك رؤية ورسالة واضحة عن الهدف من وجودك على هذا الكوكب، أم أنك تعيش مثل الريشة في مهب الريح لا تعرف لك هدفا واضحا، وتقبل بما تقدمه لك الحياة كل صباح؟! أسئلة وجدتها شخصية قيمة جدا لكونها لو تمعنت فيها قليلا لوجدتها تغطي جميع جوانب الحياة كما ذكرت، إذا ما أشبعت هذه الجوانب بمنهج يقوم على مبادئ وقيم ثابتة، لأن الكثيرين يعتقدون بأنه يمكنهم المضي في هذه الحياة متجاوزين بعض هذه القيم والمبادئ، لكن للأسف فقد ولدنا كبشر على الفطرة السوية، وإذا ما ناقضنا هذه الفطرة سيكون من الصعب أن نحظى براحة البال والسعادة التي ننشد مهما حققنا من نجاح مادي ومهني، ومهما استطعنا أن نحافظ على أجسادنا سليمة معافاة، سيبقى صوت الضمير داخلنا يمنعنا من الاستمتاع بما حققنا، إنه قانون ثابت لا يتغير لكن للأسف الكثيرين يعتقدون بأنهم يستطيعون (غش) هذا الضمير وخداعه أو ربما إسكاته، ومن ثم يتساءلون لما أشعر بالتعاسة والوحدة والكآبة رغم أنني حققت كل ما كنت أصبو إليه، ليكتشف أن السلم كان قد أسند على الجدار الخاطئ كما وضعها كوفي، لكن لو أننا أصغينا لصوت الضمير من البداية لكان قد نبهنا أننا نتجه في الاتجاه الخاطئ، فيضيع عمر البعض منا سدى لهذا السبب، ذلك أن الضمير هو نظام ملاحة زودنا به الكريم المنان ليضعنا على الطريق الصحيح الذي يضمن لنا الفلاح دنيا وآخرة، لكن عدم الإصغاء لصوت الضمير وتجاهله دائما يخرسه، وأحيانا كثيرة لا تتيح الحياة الصاخبة التي نعيش وركضنا الدائم وراء النجاح الذي وضعنا له معنى واحدا هو النجاح المادي أن نسمع صوت الضمير وسط هذا الصخب وهذا الضجيج، مهما حاولنا لن نتمكن أبدا من تحقيق الرضا الذي ننشد، طالما أن الضمير الحي بداخلنا غير راض عما نقوم به!
If a man for whatever reason has the opportunity to lead an extraordinary life, he has no right to keep it to himself. (Jacques-Yves Cousteau)
04/01/2014
صوت الضمير
لا شك أن التغيير سنة كونية فكل ما حولنا يتغير بشكل دائم من تعاقب الليل والنهار إلى تجدد خلايا أجسادنا وتساقط أوراق الأشجار، والتجديد والتغيير ظاهرة صحية تعيد تجدد الحياة وتساعد على استمرارها، ونحن كبشر جبلنا على النمو والتطور، وإن لم نشعر يوما بأننا نحرز تقدما نصاب بالإحباط والملل والروتين، لكن البعض يمكن أن يستسلم للبقاء مكانك سر خاصة هواة التسويف منا، والذي يشعرك بأن كل مشاريعه مخزنة (للغد)، الغد الذي يكتشف بعد فوات الأوان بأنه لن يأتي أبدا لأن الغد الذي ينتظره سيتحول إلى اليوم ويقفز الغد المنتظر لليوم الذي يليه وهكذا، ورغم ذلك فإن الكثيرين يقضون حياتهم بانتظار ذلك الغد، لكن تلك الحاجة للنمو والتطور الفطرية إن لم يتم إشباعها تتحول الحياة إلى بئر مظلمة من الكآبة والوحشة والضجر، في كتابة الرائع (الأول أولا) يطرح ستيفن كوفي على القارئ مجموعة من الأسئلة التي وجدت شخصيا أنها ممكن أن تؤسس لخطة تغيير متكاملة، خاصة ونحن نطوي صفحة عام ونفتح صفحة عام جديد لأولئك الذين يبحثون عن خطط للتطوير والتجديد في حياتهم، ما يميز منهج كوفي هو أنه لا يغفل جانبا من جوانب حياة الإنسان الأساسية والاحتياجات المرتبطة بها، مما يوجد نوعا من التوازن في الحياة، ذلك أن الإنسان هو روح وعقل وجسد لابد من إشباع احتياجات كل جانب منها ليشعر الإنسان بالرضا والسعادة، ويمكن أيضا أن تكون هذه الأسئلة مدخلا لوضع أهداف العام الجديد، ومن الأسئلة التي من المهم طرحها بين حين وآخر: هل تتمتع بطاقة ولياقة بدنية تجعلك في قمة نشاطك طوال اليوم أم أن هناك أمورا تود القيام بها لكن لا طاقة لديك لإنجازها، بسبب الخمول والمرض أو عدم اللياقة نتيجة وزن زائد على سبيل المثال، هل أنت في وضع مادي جيد يتيح لك لقاء التزاماتك المادية واحتياجاتك ومع ذلك لديك ما يكفي من الموارد لمواجهة أي طارئ، أم أنك غارق في الديون، وتعمل ليل نهار وبالكاد تغطي التزاماتك الضرورية جدا، ماذا بشان علاقاتك، هل تتمتع بعلاقات طيبة مع من حولك على الدوام، هل تستطيع العمل مع الآخرين من أجل تحقيق أهداف المؤسسة وبروح الفريق الواحد، أم يراودك شعور دائم بالعزلة والوحدة، وتجد صعوبة في الاحتفاظ بعلاقات إيجابية مع من حولك، وتعيش على الدوام تحديات بسبب سوء التفاهم والغيبة والنميمة والنفاق واللوم والعتاب الدائم، وهل تشعر بأنك تنمو وتتطور على الدوام، وتعمل على اكتساب مهارات ومعارف جديدة على الدوام، أم انك تشعر بأنك مكانك سر في عملك لأنك لا تملك المؤهل والخبرة التي يحتاجها الصعود في السلم المهني، هل لديك حس المسؤولية، ولديك رؤية ورسالة واضحة عن الهدف من وجودك على هذا الكوكب، أم أنك تعيش مثل الريشة في مهب الريح لا تعرف لك هدفا واضحا، وتقبل بما تقدمه لك الحياة كل صباح؟! أسئلة وجدتها شخصية قيمة جدا لكونها لو تمعنت فيها قليلا لوجدتها تغطي جميع جوانب الحياة كما ذكرت، إذا ما أشبعت هذه الجوانب بمنهج يقوم على مبادئ وقيم ثابتة، لأن الكثيرين يعتقدون بأنه يمكنهم المضي في هذه الحياة متجاوزين بعض هذه القيم والمبادئ، لكن للأسف فقد ولدنا كبشر على الفطرة السوية، وإذا ما ناقضنا هذه الفطرة سيكون من الصعب أن نحظى براحة البال والسعادة التي ننشد مهما حققنا من نجاح مادي ومهني، ومهما استطعنا أن نحافظ على أجسادنا سليمة معافاة، سيبقى صوت الضمير داخلنا يمنعنا من الاستمتاع بما حققنا، إنه قانون ثابت لا يتغير لكن للأسف الكثيرين يعتقدون بأنهم يستطيعون (غش) هذا الضمير وخداعه أو ربما إسكاته، ومن ثم يتساءلون لما أشعر بالتعاسة والوحدة والكآبة رغم أنني حققت كل ما كنت أصبو إليه، ليكتشف أن السلم كان قد أسند على الجدار الخاطئ كما وضعها كوفي، لكن لو أننا أصغينا لصوت الضمير من البداية لكان قد نبهنا أننا نتجه في الاتجاه الخاطئ، فيضيع عمر البعض منا سدى لهذا السبب، ذلك أن الضمير هو نظام ملاحة زودنا به الكريم المنان ليضعنا على الطريق الصحيح الذي يضمن لنا الفلاح دنيا وآخرة، لكن عدم الإصغاء لصوت الضمير وتجاهله دائما يخرسه، وأحيانا كثيرة لا تتيح الحياة الصاخبة التي نعيش وركضنا الدائم وراء النجاح الذي وضعنا له معنى واحدا هو النجاح المادي أن نسمع صوت الضمير وسط هذا الصخب وهذا الضجيج، مهما حاولنا لن نتمكن أبدا من تحقيق الرضا الذي ننشد، طالما أن الضمير الحي بداخلنا غير راض عما نقوم به!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق