لعل من أصعب المواقف التي يتعرض لها أي قيادي في عمله هي عندما يشتكي الموظفون لديه من زميل عمل بسبب رائحته غير المستحبة التي يجد البعض أنه من الصعب التعامل معها، صادفتني هذه المشكلة عند بداية تعييني حيث كان يعمل معنا تلك الأيام زميل عمل وافد، والحقيقة أن الزميل ذاك كان في غاية التفاني في أداء عمله، وعلى علاقة طيبة جداً بمن حوله، لولا هذه المشكلة (الكبيرة) التي كان يعاني منها، والتي جعلتني أتخذ (أصعب) قرار في حياتي المهنية القصيرة كمديرة دائرة في تلك الأيام وهو التوصية بإنهاء التعاقد معه، بعد ان اصبحت رائحته تهدد سلامة كادر الدائرة وتؤثر على ادائهم لأعمالهم، ودعوت الله كثيرا يومها ألا أتعرض لمثل هذا الموقف مرة أخرى، فمن السهل علي كثيرا ان اتعامل مع شتى أنواع المشاكل الإدارية لكن أمرا كهذا وجدته صعبا ومحرجا للغاية، فمواجهة انسان بجرم كهذا دون أن تجرح مشاعره صعب جدا، رغم أن هذا الموظف قد لا يتصور مقدار الأذى الذي يسببه تقصيره في موضوع العناية الشخصية بمن حوله، التي يرى البعض بأنها أمر شخصي جدا، إلا انه في الحقيقة يتعدى أن يكون امرا شخصيا عندما يؤثر في حياة الاخرين وقدرتهم على أداء مهام عملهم بالشكل المرضي، فوجود زميل عمل تنبعث منه رائحة كريهة يؤثر سلبا على أداء الاخرين لأعمالهم وبالتالي على قدرة المؤسسة على الالتزام بتأدية الخدمة بالكفاءة والسرعة المطلوبة، فبعض الموظفين يضطرون إلى الخروج من مكاتبهم من وقت إلى آخر لاستنشاق هواء نظيف عندما يعجزون عن الاحتمال، ناهيك عن الصداع الذي قد يصاب به البعض نتيجة للضغط النفسي بسبب هذه المشكلة من جهة وبسبب قوة الرائحة من جهة اخرى، الأمر الذي بلا شك يجعل الموضوع يتعدى الحرية الشخصية، وربمالهذا نجد أن ديننا الإسلامي الحنيف قد أولى عناية خاصة لمسألة النظافة والعناية الشخصية بالملبس والهندام، وتناولها بالتفصيل الدقيق من خلال السنة النبوية المطهرة، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة القائل: “الطهور شطر الإيمان”، وذلك حرصا منه صلوات الله وسلامه عليه ألا يؤذي المسلم اخاه بالرائحة الكريهة التي قد تنبعث منه، لدرجة أنه صلوات الله وسلامه عليه نهى المصلين عن اكل الثوم والبصل قبل الذهاب للمسجد للصلاة مراعاة لمشاعر الآخرين، فأين نحن من هذه الأخلاق النبوية، في زمن أصبحت العناية الشخصية فيه من أسهل ما يكون، فالماء متوفر بأي درجة حرارة نريدها وبضغطة زر واحدة، لسنا مضطرين كما اسلافنا للتنقل مسافات طويلة من أجل الحصول عليه، واصبحت مواد التنظيف متوفرة ايضا وبأسعار بخسة، ولا يتطلب غسيل الملابس مع وجود الغسالات الكهربائية اي جهد من المرء، أي انه لا عذر لدى المرء في إهمال هذا الجانب، الذي بات عنصرا مهما من عناصر النجاح المهني في عالم اليوم القائم النجاح فيه على المهارات الشخصية التي منها ولاشك الهندام والقيافة، التي لا يدرك الكثيرون تأثيرها على المسار المهني للفرد، فهي أول عنصر من عناصر التقييم في اي مقابلة شخصية لاختيار أفضل مرشح، وهي الانطباع الأول الذي يتركه الفرد على من يراه للمرة الأولى، وهي عنصر رئيسي من عناصر التقييم في الوظيفة وإن كنا لا نعترف بذلك، ذلك انها جزء كبير ورئيسي من شخصيتك الظاهرة لمن حولك، وكثير من الناس لا تدرك أن كفاءتك في أداء مهام عملك لا تشكل إلا نسبة بسيطة من نجاحك المهني، فيما يعود الفضل الأكبر في صعود سلم الوظيفة إلى المهارات الشخصية والانطباع الذي تتركه عند من حولك، ذلك أن المؤسسة تدرك أن الكفاءة عنصر ممكن اكتسابه بالممارسة والتدريب، لكن القدرات الشخصية عملة نادرة، ولكونها المتطلب الرئيسي في القيادة فإنها تعطى أولوية في الاختيار والتوظيف والترقي ايضا، فإن كنت ممن يركز كثيرا على تنمية قدراتك الفنية في الوظيفة متجاهلا قيافتك وهندامك وشخصيتك بشكل عام، وتتساءل لماذا يترقى زميلك الأقل منك مؤهلا وكفاءة بشكل اسرع فلربما حان الوقت لتبدأ في الاهتمام بهذا الجانب المهم جدا، وتوليه بعض العناية، لأنه أهم بكثير مما يعتقد الكثيرون، لكن قلة من تملك الجرأة للتصريح بذلك علنا، وللأسف الشديد قلة من تملك الجرأة من المسؤولين لمواجهة الموظف اثناء مناقشة تقييم أدائه بأن لمظهره العام ونظافته الشخصية دور في التقييم المنخفض الذي حصل عليه، فنحن نخشى كثيرا من أن نجرح شعور الآخر ونتسبب له بالأذى النفسي، لكن في الواقع نحن نؤذيه مئات المرات بسكوتنا هذا.
If a man for whatever reason has the opportunity to lead an extraordinary life, he has no right to keep it to himself. (Jacques-Yves Cousteau)
20/10/2013
النظافة من الإيمان
لعل من أصعب المواقف التي يتعرض لها أي قيادي في عمله هي عندما يشتكي الموظفون لديه من زميل عمل بسبب رائحته غير المستحبة التي يجد البعض أنه من الصعب التعامل معها، صادفتني هذه المشكلة عند بداية تعييني حيث كان يعمل معنا تلك الأيام زميل عمل وافد، والحقيقة أن الزميل ذاك كان في غاية التفاني في أداء عمله، وعلى علاقة طيبة جداً بمن حوله، لولا هذه المشكلة (الكبيرة) التي كان يعاني منها، والتي جعلتني أتخذ (أصعب) قرار في حياتي المهنية القصيرة كمديرة دائرة في تلك الأيام وهو التوصية بإنهاء التعاقد معه، بعد ان اصبحت رائحته تهدد سلامة كادر الدائرة وتؤثر على ادائهم لأعمالهم، ودعوت الله كثيرا يومها ألا أتعرض لمثل هذا الموقف مرة أخرى، فمن السهل علي كثيرا ان اتعامل مع شتى أنواع المشاكل الإدارية لكن أمرا كهذا وجدته صعبا ومحرجا للغاية، فمواجهة انسان بجرم كهذا دون أن تجرح مشاعره صعب جدا، رغم أن هذا الموظف قد لا يتصور مقدار الأذى الذي يسببه تقصيره في موضوع العناية الشخصية بمن حوله، التي يرى البعض بأنها أمر شخصي جدا، إلا انه في الحقيقة يتعدى أن يكون امرا شخصيا عندما يؤثر في حياة الاخرين وقدرتهم على أداء مهام عملهم بالشكل المرضي، فوجود زميل عمل تنبعث منه رائحة كريهة يؤثر سلبا على أداء الاخرين لأعمالهم وبالتالي على قدرة المؤسسة على الالتزام بتأدية الخدمة بالكفاءة والسرعة المطلوبة، فبعض الموظفين يضطرون إلى الخروج من مكاتبهم من وقت إلى آخر لاستنشاق هواء نظيف عندما يعجزون عن الاحتمال، ناهيك عن الصداع الذي قد يصاب به البعض نتيجة للضغط النفسي بسبب هذه المشكلة من جهة وبسبب قوة الرائحة من جهة اخرى، الأمر الذي بلا شك يجعل الموضوع يتعدى الحرية الشخصية، وربمالهذا نجد أن ديننا الإسلامي الحنيف قد أولى عناية خاصة لمسألة النظافة والعناية الشخصية بالملبس والهندام، وتناولها بالتفصيل الدقيق من خلال السنة النبوية المطهرة، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة القائل: “الطهور شطر الإيمان”، وذلك حرصا منه صلوات الله وسلامه عليه ألا يؤذي المسلم اخاه بالرائحة الكريهة التي قد تنبعث منه، لدرجة أنه صلوات الله وسلامه عليه نهى المصلين عن اكل الثوم والبصل قبل الذهاب للمسجد للصلاة مراعاة لمشاعر الآخرين، فأين نحن من هذه الأخلاق النبوية، في زمن أصبحت العناية الشخصية فيه من أسهل ما يكون، فالماء متوفر بأي درجة حرارة نريدها وبضغطة زر واحدة، لسنا مضطرين كما اسلافنا للتنقل مسافات طويلة من أجل الحصول عليه، واصبحت مواد التنظيف متوفرة ايضا وبأسعار بخسة، ولا يتطلب غسيل الملابس مع وجود الغسالات الكهربائية اي جهد من المرء، أي انه لا عذر لدى المرء في إهمال هذا الجانب، الذي بات عنصرا مهما من عناصر النجاح المهني في عالم اليوم القائم النجاح فيه على المهارات الشخصية التي منها ولاشك الهندام والقيافة، التي لا يدرك الكثيرون تأثيرها على المسار المهني للفرد، فهي أول عنصر من عناصر التقييم في اي مقابلة شخصية لاختيار أفضل مرشح، وهي الانطباع الأول الذي يتركه الفرد على من يراه للمرة الأولى، وهي عنصر رئيسي من عناصر التقييم في الوظيفة وإن كنا لا نعترف بذلك، ذلك انها جزء كبير ورئيسي من شخصيتك الظاهرة لمن حولك، وكثير من الناس لا تدرك أن كفاءتك في أداء مهام عملك لا تشكل إلا نسبة بسيطة من نجاحك المهني، فيما يعود الفضل الأكبر في صعود سلم الوظيفة إلى المهارات الشخصية والانطباع الذي تتركه عند من حولك، ذلك أن المؤسسة تدرك أن الكفاءة عنصر ممكن اكتسابه بالممارسة والتدريب، لكن القدرات الشخصية عملة نادرة، ولكونها المتطلب الرئيسي في القيادة فإنها تعطى أولوية في الاختيار والتوظيف والترقي ايضا، فإن كنت ممن يركز كثيرا على تنمية قدراتك الفنية في الوظيفة متجاهلا قيافتك وهندامك وشخصيتك بشكل عام، وتتساءل لماذا يترقى زميلك الأقل منك مؤهلا وكفاءة بشكل اسرع فلربما حان الوقت لتبدأ في الاهتمام بهذا الجانب المهم جدا، وتوليه بعض العناية، لأنه أهم بكثير مما يعتقد الكثيرون، لكن قلة من تملك الجرأة للتصريح بذلك علنا، وللأسف الشديد قلة من تملك الجرأة من المسؤولين لمواجهة الموظف اثناء مناقشة تقييم أدائه بأن لمظهره العام ونظافته الشخصية دور في التقييم المنخفض الذي حصل عليه، فنحن نخشى كثيرا من أن نجرح شعور الآخر ونتسبب له بالأذى النفسي، لكن في الواقع نحن نؤذيه مئات المرات بسكوتنا هذا.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق