17‏/02‏/2012

وقفة مع النفس


هي نموذج لكل ما تسعى إليه النساء، غاية في الجمال، نموذج في الأناقة و الذوق الراقي في كل جوانب حياتها، تحمل شهادة الدكتوراة، ناجحة جدا مهنيا، إجتماعية جدا، ربة بيت رائعة، أم مثالية، وزوجة تحسدها الزوجات، لاتفارق الابتسامة التي تزيدها سحرا وجاذبية وجهها أبدا، حتى أنا لتي طالما أثرت حسد من حولي، وينظر إلي الكثيرون على أنني نموذجا للنجاح المهني و الشخصي، أجد نفسي أستمد منها القوة، ولطالما كانت قدوة لي منذ أن عرفتها، ولطالما غبطتها و تمنيت في داخلي أن أكون مثلها في بعض هذه الجوانب..

جلست معها في جلسة اعتدنا عليها بين حين وآخر، كصديقات من نوع فريد جدا، بغرض مراجعة ما أنجزنا و وضع خطة للعام الجديد، كنت قد أحضرت قائمة أهدافي معي، لكنني وضعتها جانبا و بعد أن ذهبت مزقت الاوراق و القيت بها في سلة المهملات، فقد نسفت صديقتي (الخارقة) بعض قناعاتي في تلك الجلسة و هي تعترف لي بصدق بأنها (سئمت هذه الحياة)، سئمت نظرة الناس لها كنموذج للكمال، و قررت ألا تضع أهدافا للعام القادم، بل قررت الاتفعل شيئا على الاطلاق، و تعيش للمرة الأولى لنفسها فقط، حتى لو كان ما ستفعل سينسف هذه الصورة الرائعة التي يراها الاخرون، فقد اكتشفت بأن هذه الصورة أصبحت (سجنها)..

شعرت بأنها غاصت في أعماق روحي و انتزعت ذلك الاعتراف مني، لم يكن إعترافها بقدر ما كان قراءة لروحي...آلمني ذلك كثيرا، تمنيت أن أبكي، استعصت علي دمعتي، و ازداد بي الألم عندما اكتشفت ذلك، لم أعد قادرة حتى على البكاء، رجوتها و صديقتنا الأخرى التي كانت تشاركنا الجلسة، أن يحكيا لي قصصا محزنة علها تساعدني على البكاء، لكن هيهات فقد بات ذلك الأمر عسيرا جدا، لقد عشت اسطورة المرأة الخارقة، التي رسمها الاخرون لي أنا أيضا، والتي اكتشفت بأن كل ما أفعل في حياتي ينصب في هدف وحيد: أن أعيش تلك الصورة الرائعة للمرأة الكاملة، لكنني لست كاملة على لاطلاق، فأنا إمراة هشة مفرطة الحساسية أيضا، لكنني ممثلة بارعة جدا بحيث أنني أجيد تقمص الدور، لكن جلسة الليلة عرتني أمام نفسي، كما لم يحدث لي من قبل..

وكان للقدر دوره العجائزي معي تلك الليلة التي بدأت فيها في قراءة كتاب (مكتوب) لباولو كايلو و الذي اختار القدر أن يصل اليوم بالبريد، ذلك أنني طلبته منذ أيام من موقع (نيل وفرات) على الشبكة العالمية، فتحت الكتاب و شرعت في قرائته، أصبت بحالة من الذهول و أنا اقرأ الكتاب الذي شعرت بأنه امتداد لحوار تلك الليلة....يا إلهي!!!

هناك 3 تعليقات:

طموح متجدد يقول...

كم هي رائعة الوقفات مع النفس ورائع جدا أن نستمد -بدون ان نشعر-حاجاتنا نحن عند استماعنا للآخرين

علي موسى يقول...

سلام عليكم..
العودة إلى الذات تحتاج إلى توفيق لمن نسي امرها او انحرف بمشاغله عنها.
رتابة الحياة والانشغال بالامال والطموح ذات الطابع الاجتماعي وحتى العلمي تجعل الانسان يعيش حالة من الصنمية بعيداً عن ذاته، متى يكتشف هذا الخطر عندما يقع في ازمة ما لا تجدي معها كل هذه المكانة وهذا المنصب ، هناك امثلة كثيرة لمن عادوا للذات قهراً اما مرضاً افقد عزيز اوخسارة منصب..الخ
وأرى بأن من قرأ هذا الموضوع وفق للرجعة للذات إن كان قد فرقها إختيار كما كنتِ والدكتورة.
حتى يأذن الله بقراءة اخرى نافعة كونوا بخير

Unknown يقول...

الوقفة مع الذات ضرورية بين حين و آخر لاشك في ذلك، فهي تساعدنا على تعديل المسارات الخاطئة، لكن قلة من يملك الشجاعة فعلا ليقوم بذلك...شكرا لك أخي علي